"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان يذكر أنه قد أتي بسكران قد قتل رجلاً فكتب إليه معاوية: أن أقتله به" هذا قاتل لكنه قتل في حالة لا يعقل فيها التصرف، فهل يدرأ عنه مثل هذا؟ أو نقول: إنه قد يفتح باباً يتذرع به، فيشرب الخمرة وقبل أن تغطي عليه عقله يقتل، ولا شك أنه هو المتسبب لرفع التكليف عنه، ولذا يختلفون في طلاقه عن السكران، منهم من يقول: ما دام هو المتسبب يؤاخذ به، وكذلك سائر تصرفاته، ومنهم من يقول: إنه ما دام ارتفع العقل ارتفع التكليف، ولكن لا شك أن سد الأبواب الموصلة إلى الفوضى والعبث بأموال ودماء وأعراض المسلمين لا بد من أن يحتاط لها، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جيء، أو لما جاء ماعز إليه -عليه الصلاة والسلام- معلناً التوبة، ومبيناً أنه زنى زنا صريح، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((هل بك من جنون؟ )) وسأل عنه، قالوا: لا، ما نعلم إلا أنه وفي العقل، من صالحينا، ثم قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((استنكهوه)) يعني شموه، هل شرب خمر وإلا ما شرب؟ فاستنكهوه، ويريد بذلك أن يدرأ عنه الحد، هل يفعل هذا بجميع الجناة؟ ويجعل هذا أصل لما جاء تائباً منيباً مسلماً نفسه ليطهر مما ارتكبه من حد؟ ويقاس عليه غيره من أهل السوابق والجرائم من المفسدين في الأرض؟ لا يمكن أن يقال بمثل هذا، فمن أراد أن يتشفى أو يقتل أو يفعل ما يريد بغيره يشرب شيئاً من الخمر، ويقال: إنه سكران، قتل وهو سكران، فمثل هذا لا بد أن يقتل به؛ لأنه إنما أتخذ ذلك ذريعة، إلى أن يصل إلى غرضه فيقتل مسلماً، لكن إذا حصل أن هذا صحيح، شرب الخمر، ولا نية له في قتل أحد، ودلت القرائن على ذلك، ثم قتله حال سكره، فتسمعون من القضايا يحصل القتل العمد، ثم يدرأ القصاص؛ بأن هذا عنده مرض نفسي، وعنده تقارير تدل على ذلك، يستفيد وإلا ما يستفيد؟ عنده تقارير تدل على أنه عنده مرض نفسي، يصل به هذا المرض إلى أن يتصرف بغير عقل، ولا شك أن هذا ليس من تسببه، بينما شرب الخمر من تسببه، ولذا قال: "كتب إليه معاوية: أن أقتله به" فهل شرب الخمر يدرأ الحد؟ زوال العقل يدرأ الحد بلا شك، لكن الزوال إن كان هو المتسبب