يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس في بعض مغازيه، قال عبد الله بن عمر: فأقبلت نحوه" يعني دنوت منه، ووجهت وجهي صوبه، "فانصرف قبل أن أبلغه" انصرف قبل أن يصل إليه "فسألت ماذا قال؟ " يسأل ماذا قال؟ لأنه لم يسمع، كان بعيداً عنه، فلما اقبل إليه ووصل إليه انصرف النبي -عليه الصلاة والسلام- وانتهى من خطبته "فسالت ماذا قال؟ " والسبب في ذلك البعد؛ لأنه لا يسمع ما قال، وهذا أمر طبيعي أن البعيد لا يسمع الكلام، وإلا لو كان قريباً ويسمع ثم يسأل ماذا قال؟ هذه صفة المنافقين {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [(16) سورة محمد] ومن نعم الله -جل وعلا- أنهم لا يحفظون ما يسمعون؛ لأن الله طبع على قلوبهم، ولهذا بعض المغرضين، وبعض من في قلوبهم مرض، يقولون: كيف نفرق بين المنافق وغيره؟ كلهم هؤلاء الذين يروون الأحاديث كلهم سمعوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، فما الذي يدرينا أن هذا منافق وهذا غير منافق؟ لا سيما في الصحابة المقلين، الذين لا يعرفون، في الأعراب منهم، نعم المنافقون لا يثبت في أذهانهم شيء مما يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويسمعون ويحضرون ثم يقولون: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [(16) سورة محمد] لأن الله طبع على قلوبهم، وعلى هذا فلا .. ، لا يوجد أدنى شك في النصوص التي تنقل لنا ممن سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صحابي، وأنه على الجادة، وأنه عدل؛ لأن بعض الناس مثلما ذكرنا يقول: ما الفرق بين أن يروي هذا ويروي هذا؟ وفي الصحابة من يجالسهم حضراً وسفراً، ويحضر مجامعهم وهو منافق، فلماذا لا يكون بعض هذه النصوص نقلت عن طريق بعض المنافقين؟ نقول: أبداً، المنافق لا يمكن أن يستقر في قلبه شيء من الحديث، أو مما يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام-.