وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة، قد أحرزها أهلها في أوعيتهم، وضموا بعضها إلى بعض: إنه من سرق من ذلك شيئاً من حرزه، فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع فإن عليه القطع كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن، ليلاً ذلك أو نهاراً.
قال مالك –رحمه الله- في الذي يسرق ما يجب عليه فيه القطع ثم يوجد معه ما سرق فيرد إلى صاحبه إنه تقطع يده.
قال مالك -رحمه الله-: "فإن قال قائل: كيف تقطع يده، وقد أخذ المتاع منه، ودفع إلى صاحبه فإنما هو بمنزلة الشارب يوجد منه ريح الشراب المسكر، وليس به سكر فيجلد الحد.
قال مالك -رحمه الله-: وإنما يجلد الحد في المسكر إذا شربه، وإن لم يسكره، وذلك أنه إنما شربه ليسكره، فكذلك تقطع يد السارق في السرقة التي أخذت منه، ولو لم ينتفع بها ورجعت إلى صاحبها، وإنما سرقها حين سرقها ليذهب بها.
قال مالك -رحمه الله- في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعاً، فيخرجون بالعدل يحملونه جميعاً، أو الصندوق أو الخشبة أو بالمكتل، أو ما أشبه ذلك، مما يحمله القوم جميعاً: إنهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعاً فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع، وذلك ثلاثة دراهم فصاعداً، فعليهم القطع جميعاً.
قال مالك -رحمه الله-: وإن خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعداً فعليه القطع، ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فلا قطع عليه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه، ليس معه فيها غيره فإنه لا يجب على من سرق منها شيئاً القطع حتى يخرج به من الدار كلها، وذلك أن الدار كلها هي حرزه، فإن كان معه في الدار ساكن غيره، وكان كل إنسان منهم يغلق عليه بابه، وكانت حرزاً لهم جميعاً، فمن سرق من بيوت تلك الدار شيئاً يجب فيه القطع فخرج به إلى الدار، فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه، ووجب عليه فيه القطع.