يقول ابن شهاب: "لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟ " يعني قوله: ((ثم بيعوها ولو بضفير)) إذا تكرر منها الزنا صارت غير مرغوبة، ونزلت قيمتها، ولا يمكن أن تصل قيمتها إلى الضفير إلا بإخبار المشتري بالعيب، هي بيعت لعيب شرعي، وهو تكرر الزنا منها، وبهذا يستدل جمع من أهل العلم على أنه لا بد من بيان العيب، بيان العيب للمشتري بالنسبة للأمة، والخاطب بالنسبة للحرة، إذا وقع منها هذا مثلها لا بد أن يخبر الخاطب، وأن عدم إخباره غش له، ولا شك أن المسألة ينتابها أمران عظيمان:
إخبار الخاطب لا شك أنه يجعل هذه المرأة تجلس بدون زوج، إذ لا يقدم على الزواج بها إلا شخص متنازل عن أمر مهم، يهتم به أهل الصيانة والديانة، وعدم إخباره أمر عظيم أيضاً وهو غش له، وغش لولده من بعده، والنساء السر عندهن ضعيف، مهما كان السر عندها، وإن كان متعلقاً بها، ولو كان في ... ، يترتب عليه مصيرها يمكن أن تتحدث في يوم من الأيام وتفلت منها كلمة في وقت أنس تتكدر حياته، وتنقلب سعادته إلى شقاء؛ لأن الناس لا يطيقون مثل هذا.
وعلى كل حال جمع من أهل العلم يرون أنه لا بد من الإخبار اعتماداً على هذا الحديث؛ لأن الأمة مثل الزوجة موطوءة، وعرض الرجل في أمته مثل عرضه في زوجته، عرضه معلق بالموطوءة، سواءً كانت أو زوجة، وعلى هذا لا يمكن أن يصل الثمن إلى هذا الحد، الضفير الحبل المضفور، حتى يخبر عن العيب، ومنهم من يقول: إن قوله: ((ولو بضفير)) يعني أنك لا بد تتخلص منها بأي قيمة كانت، ولا يلزم من ذلك الإخبار؛ لأنه ينافي الستر، وعلى كل حال هم القولان محل الاجتهاد، وعلى كل من الأمرين يترتب أمر عظيم، والأسئلة تكثر من النساء عند الخطبة، إذا خطبت هل تخبر أو لا تخبر؟ وبعضهن راضية مطاوعة، وبعضهن مكرهة مغتصبة، وبعضهم مصرة، وبعضهن تائبة.
على كل حال التوبة لا بد منها، والإخبار أمر اجتهادي، والحديث دليل على أنه يخبر، وأيضاً السكوت غش -نسأل الله السلامة والعافية-، وغش عظيم بالنسبة للخاطب، وبعض الناس ولو نزل عن شرطها الذي تريده، أو نزل أبوها عن شرطه الذي يريده، لا شك أنه يتنازل عن بعض الأمور؛ لأمر يحتاجه أو يخطط له، أو ما أشبه ذلك.