يقول: "وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً، فإن الذين سعوا يرجعون على الذين عجزوا بحصة ما أدوا عنهم؛ لأن بعضهم حملاء عن بعض" كما تقدم في باب سبق، الحمالة في الكتابة، نعم.
أحسن الله إليك.
حدثني مالك -رحمه الله- أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيره يذكرون أن مكاتباً كان للفرافصة بن عمير الحنفي، وأنه عرض عليه أن يدفع إليه جميع ما عليه من كتابته فأبى الفرافصة، فأتى المكاتب مروان بن الحكم -وهو أمير المدينة-، فذكر ذلك له، فدعا مروان الفرافصة فقال له ذلك فأبى، فأمر مروان بذلك المال أن يقبض من المكاتب فيوضع في بيت المال، وقال للمكاتب: اذهب فقد عتقت، فلما رأى ذلك الفرافصة قبض المال.
قال مالك -رحمه الله-: فالأمر عندنا أن المكاتب إذا أدى جميع ما عليه من نجومه قبل محلها جاز ذلك له، ولم يكن لسيده أن يأبى ذلك عليه، وذلك أنه يضع عن المكاتب بذلك كل شرط أو خدمة أو سفر؛ لأنه لا تتم عتاقة رجل وعليه بقية من رق، ولا تتم حرمته، ولا تجوز شهادته، ولا يجب ميراثه، ولا أشباه هذا من أمره، ولا ينبغي لسيده أن يشترط عليه خدمة بعد عتاقته.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب مرض مرضاً شديداً، فأراد أن يدفع نجومه كلها إلى سيده؛ لأن يرثه ورثة له أحرار، وليس معه في كتابته ولد له، قال مالك -رحمه الله-: ذلك جائز له؛ لأنه تتم بذلك حرمته، وتجوز شهادته، ويجوز اعترافه بما عليه من ديون الناس، وتجوز وصيته، وليس لسيده أن يأبى ذلك عليه بأن يقول: فر مني بماله.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب عتق المكاتب إذا أدى ما عليه قبل محله: