قال مالك -رحمه الله-: فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه ما قبض من المكاتب، فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما، وبطلت كتابته وكان عبداً لهما على حاله الأولى.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب وترك مالاً ليس فيه وفاء من كتابته، قال مالك -رحمه الله-: يتحاصان بقدر ما بقي لهما عليه، يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته، فإن ترك المكاتب فضلاً عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة، وكان ما بقي بينهما بالسواء، فإن عجز المكاتب، وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين، ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى؛ لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه، وإن وضع عنه أحدهما الذي له ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه، ثم عجز فهو بينهما، ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه شيئاً؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه، وذلك بمنزلة الدين للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد، فينظره أحدهما ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس على الذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المكاتب:
الكتاب مر التعريف به مراراً، وأنه مصدر كتب يكتب كتابة وكتاباً وكتباً، والمكاتب هذه الصيغة التي هي المفاعلة، المكاتَب اسم مفعول من المكاتبة، والمكاتِب اسم فاعل منها، والمكاتبة تقتضي أكثر من طرف، طرفين فأكثر، فتقتضي اسم فاعل مكاتِب، واسم مفعول مكاتَب، كما هنا، فالسيد مكاتِب، والعبد مكاتَب.