"فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ذلك، فأبوا عليها" يبي يكاتبون، ويأخذون القيمة ويبون الولاء، "فأبوا عليها، فجاءت من عند أهلها ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس فقالت لعائشة: إني قد عرضت عليهم ذلك فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألها" يقول: ما القصة؟ ما الخبر؟ فأخبرته عائشة بالواقع "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خذيها واشترطي لهم الولاء)) " لأن هذا الاشتراط لا يغير من الواقع شيئاً، يعني كأن شخصاً بيده ولده الحر، فجاء شخص يدعيه وغلبه عليه، يتغير الحكم وإلا ما يتغير؟ ما يتغير، ولو تراخى معه وتساهل، لو تساهل معه، لا يغير من الواقع شيئاً؛ لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يتنازل عنه على ما سيأتي.
"فقال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة" قد يقول قائل مثلاً: إن هذا فيه خديعة لمواليها، أنهم أقدموا على أساس أن الولاء لهم، ثم تبين أن الولاء لغيرهم، ولو علموا حقيقة الحال ما كاتبوها، ولا قبلوا من عائشة ما عرضت، فهل في مثل هذا خديعة؟ أو في هذا عقوبة؟ هل في هذا عقوبة وتنكيل لمن خالف شرط الله -جل وعلا- وحكمه؟
"قال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) " منطوقه أن من أعتق له الولاء على أي وجه كان العتق، سواءً كان تبرر أو كفارة، نعم، لكن مفهومه أن المكاتب لا ولاء له، وهذا سيأتي -إن شاء الله تعالى-.