فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج، ألا وإنه قد دان معرضاً، فأصبح قد رين به، فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بينهم، وإياكم والدين، فإن أوله هم، وآخره حرب.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
يعني المسائل التي لا تدخل في الأبواب السابقة، مما له تعلق بالقضاء، وكراهيته لأنه مزلة قدم، وما زال أهل التحري يكرهونه ويتوقونه من الصدر الأول إلى يومنا هذا، أعني أهل التحري، وأما أهل التساهل فلا شك أنهم يدفعون الوسائط للحصول عليه، وقد يدفع بعضهم الرشاوى -نسأل الله السلامة والعافية-، فعلى الإنسان أن يسعى لخلاص نفسه، والله المستعان.
يقول: "حدثني مالك" ...
وكم من إمام ضرب بسببه، بسبب القضاء ((من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين)) و ((القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة)) لكن إن عدل، وكان أهلاً لذلك فأجره عظيم، والغنم مع الغرم.
قال: "حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء" عويمر "كتب إلى" أخيه "سلمان الفارسي" وقد آخى بينهما النبي -صلى الله عليه وسلم- "أن هلم إلى الأرض المقدسة" تعال إلى الأرض المقدسة، يعني في الشام، وهذا ملحظ يلحظه بعض الناس، فيحرص على أن يسكن في الأراضي المقدسة، في بلاد الحرمين مثلاً بمكة أو بالمدينة، نظراً للمضاعفات، وفضيلة المكان، ويغفل أيضاً عن الضد، وأن الذنوب فيها أعظم، لا يلاحظ أن الصحابة تفرقوا في الأمصار بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمور: منها المصلحة الراجحة في تفرقهم، دعاة خير، يقتدى بهم، وينفعون الناس في أمور دينهم ودنياهم، وأبو الدرداء كتب إلى سلمان: أن هلم إلى الأرض المقدسة، بعض الناس إذا مات أوصى أن يدفن في مكة أو في المدينة، ويسأل عنه هل تنفذ وصيته أو تترك؟ لا شك أنه إذا ترتب على ذلك تأخير فجاء الأمر بالتعجيل، يعني قبل هذه الوسائل الحديثة أحياناً يصل إلى المدينة بساعة، هذا ما يترتب عليه تأخير مثلاً، أما قبل لا شك أن التأخير ظاهر، ولو كانت قرية بجوار البلدة، يحتاجون إلى وقت.