"ويحلفون على ذلك إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم" يعني لا يمضي قولهم، ولو مع يمينهم، يعني محل فيه خياط، فيه خياطة، وفيه غسالة، وفيه كوي، وفيه صبغ، وفيه أشياء، يعني أكثر من خدمة يقدم، ثم جاب الشماغ ووضعه على الطاولة وانصرف، ما قال للغسال: اغسله، ولا قال للخياط: أخطه، ولا قال للصباغ: اصبغه، جاب الشماغ وتركه، فلما جاء إذا هو مفصل الشماغ سروال، أخذه الخياط وفصله سروال، هذا يقبل؟ هذا لا يمكن أن يقبل بوجه من الوجوه، وإن كان المحل فيه غسال، وفيه خياط، وفيه صباغ، لا يقبل، لكن إنما يقبل قوله فيما يمكن أن يستعمل فيه.
"فلا يجوز قولهم" يعني ما يمضي قولهم "وليحلف صاحب الثوب" صاحب الثوب يقول: والله ما أعطيتك هذه القطعة تفصلها سراويل، ولا تصلح سراويل هذه، هذه قطعة خشنة، ما يمكن أن تلي الجلد، أنا أعطيتك القطعة هذه صوف تفصلها كوت، فصلها سروال، هذا صوف خشن ما يصلح لئن يكون سراويل، فمن يقبل قوله؟ يقبل قول المدعي؛ لأن الإمام -رحمه الله تعالى- يقول: "إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم في ذلك" يعني لا يمضي "وليحلف صاحب الثوب أنه ما أراد إلا ما ذكر، فإن ردها وأبى أن يحلف" رد اليمين على المدعى عليه، أبى أن يحلف المدعي، ثم رد اليمين على المدعى عليه "حلف الصباغ" وهذا على كل حال على قول من يرى رد اليمين، وقضاة عصر الإمام مالك كلهم يرون رد اليمين.
"قال: وسمعت مالكاً يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطأ به فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه" أعطيته الثوب أعطاك فاتورة، جاء ثاني وأعطاه ثوب وأعطاه فاتورة، فأعطاه ثوبك، وأعطاك ثوبه، أخذ ثوبك لأنه أفضل ولبسه، نعم، فإن كان على معرفة ضمن، وإن كان على غير معرفة لم يضمن.