قال: "وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع فضل الماء)) " ((لا يمنعُ)) (لا) هذه نافية، ولو كانت ناهية لجزمت، لا يمنعْ، وهذه النافية المراد منها النهي، وأهل العلم يقولون: إن النفي أبلغ من النهي؛ لأنه على هذا يكون الأصل أن المسلم لا يَمنع، ما يحتاج إلى نهي؛ لأن هذا الأصل في المسلم أنه لا يمنع، لكن إن منع نهي عن ذلك.
قال: ((لا يمنع فضل الماء)) يعني القدر الزائد عن الحاجة ((ليمنع به الكلأ)) فضل الماء الزائد عن حاجة الأعلى إلى ما دونه، الناس يبعلون في البراري لهم بعل أو بعول، فلا يمنع فضل الماء الزائد عن حاجته لبعله، مثل ما جاء في الزراعة؛ ليتضرر، يمنع به الكلأ الذي يليه، تأخذ حاجتك وترسله إلى من بعدك، وتتركه ينساب في الصحاري ليخرج الكلأ.
والقصد من هذه الأمور أن الناس يتعاملون بالانتفاع، كل واحد ينتفع بالآخر، وكل واحد يسدي إلى الآخر، ما ينفعه من غير مشاحة ولا مشاحنة، وتسري روح الأخوة بين المسلمين، لكن إن حصل ما حصل من المشاحة والمشاحنة فلا بد من القضاء؛ ليحسم هذه المشاحنات، ويكون بالحد الشرعي، وهو إلى الجدر أو الكعبين، وبعد ذلك يرسل.
"وحدثني مالك عن أبي الرجال" محمد بن عبد الرحمن، أبو الرجال هذه كنية، محمد بن عبد الرحمن؛ لأنه له كم ولد؟ نعم عشرة، كلهم بلغوا مبلغ الرجال، وصار يشار إليهم بالبنان "عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع نقع بئر)) " يعني بحيث لا يتضرر صاحبه، أو بئر ليست مملوكة لأحد، فإن هذا لا يجوز أن يمنعه أحد، وإن كانت مملوكة لشخص فإن ما فضل عن حاجته ينبغي أن يجود به على غيره، نعم.
أحسن الله إليك.
حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ضرر ولا ضرار)).