ما هو من أجل العورة، الإنكار منصب على أنه بال في المسجد، كما في بعض الروايات، باشر البول، "فبال، ثم أمر سول الله -صلى الله عليه وسلم-" لما انتهى الرجل من بوله "بذنوب" دلو ملئ من الماء "فصب" وفي رواية: فأهريق "على ذلك المكان، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين)) " هم ما جاءوا بشيء، يعني في بادئ الأمر أنكروا منكر، وإنكار المنكر واجب، لكن باعتبار الأثر المترتب على هذا الإنكار من منكر أعظم منه، اتجه الأمر بتركه، وهذه قاعدة إنكار المنكر واجب باليد مع الاستطاعة، أو باللسان مع عدمها، أو بالقلب مع عدم استطاعة الإنكار باللسان، هذا هو الأصل، لكن إذا كان يترتب على هذا الإنكار منكر أعظم منه فإنه حينئذٍ عاد على حسب الأثر المترتب عليه، أحياناً قد يصل إلى درجة التحريم، على حسب الأثر المترتب عليه، إذا كان ينكر المنكر بيده بأعظم مما يستحقه المرتكب، شخص فعل منكر محرم، لكن ضربه ضرباً أكثر مما يستحق، لا يجوز له ذلك، إذا كان الضرر المترتب على الإنكار متعدٍ للمنكِر وغيره أيضاً لا يجوز.
إذا كان الضرر والأثر المترتب على الإنكار لازم للشخص نفسه، للمنكر، فالمسألة دائرة بين عزيمة ورخصة، له أن يترخص، ما دام يوجد ضرر، وإن ارتكب العزيمة فالأمر إليه.
((فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين)) فالرفق الرفق، والرفق ما دخل في شيء إلا زانه، والخبر مرسل عند الإمام -رحمه الله تعالى-؛ لأنه يروي عن يحيى بن سعيد، ويحيى بن سعيد يروي قصة لم يشهدها، وهو موصول عند الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- من طريق عبدان، عن عبد الله، عبدان اسمه إيش؟ نعم، عبد الله بن عثمان العتكي، عن عبد الله ابن إيش؟ ابن المبارك.
قال: "أخبرني يحيى بن سعيد، قال: سمعت أنس بن مالك" ورواه أيضاً من طريق خالد وسليمان بن بلال عن يحيى، مخرج وموصول من طرق عند الإمام البخاري وغيره، فالحدث صحيح، وفي الحديث: ارتكاب أخف الضررين، وتحصيل أعظم المصلحتين، وفيه المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع؛ لأنه مجرد ما انتهى صبوا عليه الماء، وهنا مبادرة إلى إزالة المفسدة عند زوال المانع.