قال مالك -رحمه الله-: فإن هلك الرهن وتناكر الحق، فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير، وقال الذي له الحق: قيمة الرهن عشرة دنانير، وقال الذي عليه الحق: قيمته عشرون ديناراً، قيل للذي له الحق: صفه، فإذا وصفه أحلف على صفته، ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها، فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن أحلف على ما ادعى، ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن، وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن أحلف على الذي زعم أن له فيه، ثم قاصه بما بلغ الرهن، ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعي عليه بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن، فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن، مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمة الرهن.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في جامع الرهون
عرفنا أن الجامع في كل كتاب هو ما يجمع المسائل لا تنطوي ولا تدخل تحت التراجم السابقة الجزئية.
يقول: "قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن ارتهن متاعاً فهلك المتاع عند المرتهن، وأقرّ الذي عليه الحق بتسمية الحق" يعني أقر المدين بالمبلغ الذي في ذمته، اعترف، واجتمعا على التسمية، اتفقا عليه، قال: في ذمتك عشرين دينار، قال: نعم في ذمتي عشرين دينار، ما في إشكال، الدين ثابت بقدره، لا اختلاف بين المدعي والمدعى عليه، هذا لا يحتاج إلى إقامة بينة، ولا يحتاج إلى يمين ولا شيء "واجتمعا على التسمية وتداعيا في الرهن، فقال الراهن: قيمته عشرون ديناراً، وقال المرتهن: قيمته عشرة دنانير" قال الراهن: قيمته عشرون ديناراً، وأنا في ذمتي لك عشرين لا لي ولا علي، تلف الرهن بيدك انتهى الإشكال، قال المرتهن: قيمته عشرة دنانير، بقي لي عشرة في ذمتك.