على كل حال مثل هذه الأمور لا شك أنها أمور اصطلاحية، وأعراف تتغير من وقت إلى آخر، فإذا أراد البائع أن يرهن السيارة، ويضمن حقه فإنه حينئذٍ لا يحول الاسم، طيب لا يحول الاسم وقد باع، لا، يتحايل على البيع ويسميه أجرة، وهذه المسألة غير مسألة الإيجار بالتمليك، مسألة ثانية تلك في عقد واحد يبيعه السيارة بمائة ألف وينتهون، وتكون هذه المائة منجمة كل شهر ثلاثة آلاف أربعة آلاف ألفين أكثر أقل، فإذا انتهت انتقل ملك السيارة تلقائياً، وحولت الاستمارة، لكن بالنسبة للإيجار المنتهي بالتمليك هو مشتمل على عقدين: عقد تأجير وعقد تمليك، فهو يُؤجره السيارة كل شهر بألفين، ثم يبيعها عليه بعشرين مثلاً هذا العقد اشتمل على عقدين التأجير والتمليك البيع، والسبب في منعه منع مثل هذه الصورة أن الضمان عائر لا يدرى هل هو على المشتري أو على البائع، فإن قلنا: إنه مستأجر صار الضمان على صاحب السيارة البائع، وإن قلنا: إنه مشترٍ، إذا قلنا: مستأجر صار ضمانه على البائع على صاحب السيارة، وإذا قلنا: إنه مشترٍ فالضمان عليه، ونظراً لهذا وما يوجده من إشكالات لاشتمال العقد على الاحتمالين فإنه يُمنع من هذه الحيثية، وقد أفتى المشايخ بتحريم مثل هذه الصورة.
"قال يحيى: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب" وهو موصولٌ في غير الموطأ "عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-" والحديث صحيح لا إشكال فيه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يغلق الرهن)) " يعني من صاحبه، بمعنى أنه لا يؤخذ منه بمجرد حلول الدين من غير رغبته، لا يؤخذ منه، وينتقل تلقائياً إلى المرتهن بمجرد حلول الدين من غير رغبته.
ومالك -رحمه الله تعالى-: قال: "وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم-" يعني نظن "أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء، وفي الرهن فضلٌ عما رُهن به" استدان من زيد مبلغ خمسين ألف وأرهنه بيتاً بمائة ألف فيه فضل "فيقول الراهن للمرتهن: "إن جئتك بحقك إلى أجلٍ يسميه" يعني بعد سنة مثلاً "وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه" يعني لك بالمبلغ الأدنى بالخمسين، ولا شك أن هذا لا يقوله إلا مضطر والاضطرار هو الإغلاق، فلا ينفذ مثل هذا.