قال مالك: مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد يحلف صاحب الحق مع شاهده ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف أُحلف المطلوب، فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه.

قال مالك: وإنما يكون ذلك في الأموال خاصة، ولا يقع ذلك في شيء من الحدود، ولا في نكاحٍ، ولا في طلاق، ولا في عتاقة، ولا في سرقة، ولا في فرية، فإن قال قائل: فإن العتاق من الأموال فقد أخطأ ليس ذلك على ما قاله، ولو كان كذلك على ما قال لحلف العبد مع شاهده إذا جاء بشاهد أن سيده اعتقه، وأن العبد إذا جاء بشاهد على مالٍ من الأموال ادعاه وحلف مع شاهده واستحق حقه كما يحلف الحر.

قال مالك: فالسنة عندنا أن العبد إذا جاء بشاهد على عتاقته استحلف سيده ما اعتقه، وبطل ذلك عنه.

قال مالك: وكذلك السنة عندنا أيضاً في الطلاق إذا جاءت المرأة بشاهد أن زوجها طلقها أُحلف زوجها ما طلقها، فإذا حلف لم يقع عليه الطلاق.

قال مالك: فسنة الطلاق والعتاقة في الشاهد الواحد واحدة، إنما يكون اليمين على زوج المرأة، وعلى سيد العبد، وإنما العتاقة حد من الحدود لا تجوز فيها شهادة النساء؛ لأنه إذا عتق العبد ثبتت حرمته، ووقعت له الحدود، ووقعت عليه وإن زنى وقد أُحصن رُجم، وإن قتل العبد قُتل به، وثبت له الميراث بينه وبين من يوارثه، فإن احتج محتجٌ فقال: لو أن رجٌل اعتق عبده وجاء رجل يطلب سيد العبد بدين له عليه فشهد له على حقه ذلك رجل وامرأتان فإن ذلك يُثبت الحق على سيد العبد حتى تُرد به عتاقته إذا لم يكن لسيد العبد مالٌ غير العبد يريد أن يُجير بذلك شهادة النساء في العتاق فإن ذلك ليس على ما قال، وإنما مثل ذلك الرجل يعتق عبده ثم يأتي طالب الحق على سيده بشاهدٍ واحد فيحلف مع شاهده، ثم يستحق حقه، وتُرد بذلك عتاقة العبد، أو يأتي الرجل قد كانت بينه وبين سيد العبد مخالطة وملابسة فيزعم أن له على سيد العبد مالاً فيقال لسيد العبد: احلف ما عليك ما ادعى، فإن أبى أن يحلف حُلف صاحب الحق وثبت حقه على سيد العبد، فيكون ذلك يرد عتاقة العبد إذا ثبت المال على سيده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015