المقصود أنه من أوجب الواجبات على ولي الأمر أن يعين من يقضي بين الناس بحكم الله وحكم رسوله -عليه الصلاة والسلام- وحكم الله ملزم، ولا يجوز بحال أن يحكم بغير ما أنزل الله، وجاء في الحكم بغير ما أنزل الله ما جاء من نصوص الكتاب والسنة، وجاء فيه: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [(44) سورة المائدة] {الظَّالِمُونَ} [(45) سورة المائدة] {الْفَاسِقُونَ} [(47) سورة المائدة] فالأمر ليس بالسهل، فلا بد من تعيين من يفصل بين الناس، وأن يكون هذا المعين تبرأ الذمة به، بأن يكون على علم من الكتاب والسنة، ومعرفة وخبرة بهذا الشأن، ولا بد من الرضا بما يقضى، بما يقضي به هذا القاضي لا بد {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء].
ونلاحظ من حال كثير من الخصوم، ويظهر هذا حتى في مجلس القضاء عدم الرضا بالقضاء، فضلاً على التسليم التام المطلق، وقد يقول قائل: إن فتح باب الاعتراض إعانة على عدم الرضا؛ لأن باب الاعتراض مفتوح، إذا قضى القاضي بين اثنين للمقضي عليه أن يعترض، يكتب لائحة إعتراض وترفع للتمييز، هل هذا يعين على عدم الرضا أو لا يعين؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
القول الأول: إن هذا الأمر احتيج إليه لما ازدادت الحاجة إلى كثرة القضاة، وضرورةً أنه إذا زادت الحاجة إلى عدد القضاة أنه قد يختار وقد يحتاج إلى شخص هو أمثل من غيره وأقرب من غيره إلى هذا المنصب لكن لا يلزم أن تتوافر فيه جميع الشروط، لا يلزم أن يكون على خبرة تامة بنسبة تسعين أو ثمانين بالمائة، لا يلزم مع الكثرة، لكن لما كان البلد ما فيه إلا قاض واحد ينتقى أعلم ما في البلد وينتهي الإشكال.