الكتاب تقدم ذكره مراراً، والمساقاة مفاعلة من السقي، مفاعلة من السقي، والمراد به -أعني السقي- سقي الثمار والزروع بالماء، أطلق على هذه المعاملة السقي فقط، وإن كانت تحتاج إلى غيره؛ لأن الماء إنما يكون النبات به، حياة النبات بالماء {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [(30) سورة الأنبياء] فحياة النبات كحياة الحيوان بالماء، فأطلق على العمل في الزرع مساقاة، مفاعلة من طرفين، فأحد الطرفين يكون له الزرع، والثاني يكون منه العمل في هذا الزرع.
وأما المزارعة فهي الأرض تدفع من قبل صاحبها إلى من يزرعها، والخلاف في البابين طويل، بين أهل العلم وكثير؛ لأنه جاء فيه المنع بأحاديث صحيحة، جاء المنع بالأحاديث الصحيحة، وجاء أيضاً الإذن، ولا شك أن المنع يتنزل على صور، والإذن يتنزل على صور، فإذا كان الضرر لاحقاً بأحد الطرفين منعت، سواء كانت المساقاة أو المزارعة، وإذا كان الضرر تبعاً للربح، والغنم مع الغرم، والخراج بالضمان على الطرفين على حد سواء تنزلت نصوص الجواز، تنزلت نصوص الجواز، فإذا دفع صاحب الزرع زرعه إلى من يقوم عليه حتى يجذه على أن يكون له نصف الثمرة، أو ربع الثمرة، ولصاحبه ثلاثة الأرباع جاز ذلك، وإذا ساقاه على أساس أن يكون له الجزء الغربي، وللمساقي الجزء الشرقي أو العكس لم يجز؛ لأنه عرضه لأن يغنم أحدهم دون الآخر فيغرم، أما إذا كان بجزء، بنسبة معلومة مشاعة بينهما فلا ضرر حينئذٍ على وحد دون الآخر، وعلى هذا تنزل نصوص الجواز.
يقول -رحمه الله-: