هو لو لم يقل: لا خلابة، إن اشترى وما قال: لا خلابة له الخيار؟ ليس له الخيار، إلا إذا كان بثمنٍ أكثر بكثير مما تستحقه السلعة عند من يقول بخيار الغبن؛ لأن من أهل العلم من يثبت خيار الغبن، ويقرره بالثلث لأن الثلث كثير، ومنهم من يقول: أبداً، أمور الدنيا كلها لا غبن فيها، يعني لو اشترى السلعة ذات المائة بألف ما فيها غبن، والدنيا كلها لا غبن فيها {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [(9) سورة التغابن] يوم القيامة أما الدنيا كلها ما تسوى من يسمي فيها شخص غابن وآخر مغبون، كلها لا غبن فيها، لكن المقرر عند أهل العلم والمرجح أن خيار الغبن شرعي، فهذا لو اشترى سلعة بأكثر من ثمنها؛ لأنه يخدع ولم يقل: لا خلابة، له الخيار أو ليس له الخيار؟ خيار الغبن، وأما خيار الشرط المستمر، يعني هناك لا يثبت له الخيار إلا إذا كان مغبوناً، وإذا قال: لا خلابة يثبت له الخيار مطلقاً أو إذا غبن؟ إذا غبن؛ لأن معنى الخلابة الخديعة، فلا يثبت له الخيار إلا إذا كان مخدوعاً مغبوناً.
قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: إذا جئت أرضاً يوفون المكيال والميزان فأطل المقام بها، وإذا جئت أرضاً ينقصون المكيال والميزان فأقلل المقام بها" لأن التطفيف شؤم على أهله، والوفاء لا شك أنه يُمن، مظنة لنزول الخيرات والبركات، وأما بالنسبة لنقص المكيال والميزان فإنهم يحرمون بذلك بركة السماء والأرض، فمثل هذه الأرض التي ينقص بها المكيال والميزان لا ينبغي أن يطال المقام بها.
وقال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع محمد بن المنكدر يقول: أحب الله عبداً سمحاً إن باع، سمحاً إن ابتاع، سمحاً إن قضى، سمحاً إن اقتضى" يعني سهلاً ليناً، لا يؤذي صاحبه بطول المماكسة، وهذه أمور جبلية نفسية، شخص يقول: إذا أردت سكين أو ملعقة يحتاج أن أنزل إلى السوق عشر مرات، ويأتي من طرف البلد ماشياً، وينزل إلى السوق ليسعر، يشوف ارتفع السعر أو نقص، ويذكر عن نفسه أنه في عذاب، لكن ما دام تعرف أنك متعذب تتحسر من هذا الصنيع، لماذا لا تعدل من طبعك؟ لكن هذه غرائز معروفة في بعض النفوس، فلا يستطيع التخلي منها.