((ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد)) الأصل أن يترك البادي يبيع لنفسه ليحصل من غفلته مصلحة ومنفعة للآخرين، ومثل ما قلنا سابقاً: البادي لا يتضرر؛ لأنه جاء بالأقط، وقد صنعه هو وامرأته، فبدلاً من أن يبيعه بثلاثمائة باعه بمائتين، كيس مثلاً، هو متضرر وإلا غير متضرر؟ غير متضرر، وأهل البلد ينتفعون، ولا يبع حاضر لباد، وسببه أن الحاضر أعرف بالأسعار، أسعار البلد من البادي، والبادي في الغالب يجهل أسعار البلد.
((ولا تصروا الإبل والغنم)) التصرية هو ربط أخلاف الدابة سواء كانت ناقة أو بقرة أو شاة ليجتمع اللبن في ضرعها ويتكاثر، فإذا رآها المشتري اغتر بهذا اللبن الكثير، وتوقع أنها في ضرعها عشرة لتر مثلاً، وهذا مجموع من أيام، فاشتراها على هذا الأساس، وإذا حلبها انتظر من الغد، فإذا ليس فيها إلا لتر واحد، هذا سببه التصرية.
((ولا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ثلاثاً)) ينتظر اليوم الأول والثاني والثالث، لماذا لا يتبين له الأمر من أول يوم؟ لئلا يكون سبب النقص في اللبن تغير المكان، أو تغير الطعام، فإذا تكرر ذلك ثلاثاً عرفنا أنها مصراة، فهو بخير النظرين، إما أن يمسكها، إن رضيها أمسكها، لا سيما إن كانت بثمنٍ أقل مما يتوقع، يعني المسألة مسألة عرض وطلب، فإذا اشتراها بأقل من قيمتها الذي في ذهنه، اشترى بقرة بألف، وهي تستحق ألف وخمس، وفي ضرعها عشرة لتر، من الغد ما طلعت، ما أمسكت ما حلب منها إلا لتر واحد، ومع ذلك كسبان؛ لأنها تستحق ألف وخمس، هو كسبان ولو لم يكن فيها إلا .. ، أو لم يكن فيها لبن ألبتة كسبان، مثل هذا ((إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر)) في مقابل اللبن الذي حلبه ((وإن سخطها)) يعني لم يرضها، ردها، ورد معها صاعاً من تمر في مقابل اللبن، لماذا لا يقال: يرد لبن بقدر ما حلب؟ نعم النص موجود صاعاً من تمر، لماذا عدل في النص عن المثل إلى التقويم بالتمر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .