المراد بهذه الترجمة السوم على السوم، والبيع على البيع، والسوم على سوم أخيه، والبيع على بيع أخيه، فالمساومة هنا مفاعلة، تقع من طرفين، والمبايعة كذلك، وليس المراد بها المساومة بين صاحب السلعة ومن يريد شراءها، ولا المبايعة بين صاحب السلعة ودافع الثمن الذي هو المشتري، وإنما المراد بذلك سوم على سوم، لا علاقة لصاحب السلعة فيه، وإنما الأمر دائر بين اثنين غير صاحب السلعة، سائم وسائم، ومشتري ومشتري، أو بائع وبائع، هذه الأطراف المعنية بهذا السوم على السوم، وفسر الإمام مالك ذلك بقوله: "وهو أن يركن البائع إلى من يسوم السلعة" فيركن إليه، ويوافقه على الثمن المبذول، لكن لم يتم الإيجاب والقبول، يعني يركن إليه، ويغلب على الظن أن الصفقة تؤول إلى الانعقاد، وأما البيع على البيع فسره مالك -رحمه الله- بالسوم على السوم، لكن المراد به البيع على البيع أن يتم البيع وينتهي العقد، ثم يقال للمشتري: أنا عندي سلعة أفضل من هذه بأرخص من الثمن، هذا بعد تمام العقد، ولزوم البيع من حيث المحاكمة والمقاصة لا أثر له في العقد، بإمكان البائع الأول أن يقول: أنا بعت ولا أقيلك، لكن النهي هنا لما يترتب على مثل هذا التصرف من التشاحن بين المسلمين، والبغضاء بينهم، وإثارة الحزازات والضغائن، وأيضاً لما يتعرض له البائع الأول من الضغوط من قبل المشتري، وتوجع المشتري، أنا وجدت سلعة أفضل من هذه، وأرخص من هذه، لا شك أن هذا له أثر على البائع الأول، وقل مثل هذا في الشراء، لو أن شخصاً اشترى سلعة بقيمة معلومة بمائة ريال، ثم ذهب شخص إلى البائع فقال: أنا أشتري منك هذه السلعة بمائة وخمسين، فيذهب البائع يتوجع عند المشتري وإلا فالصفقة قد تمت، يعني له أن يصرّ على رأيه ولا يدرك شيء لا البائع ولا المشتري؛ لأن البيع عقد لازم إذا انتهى الخيار، لكن الإشكال فيما يثور بين الطرفين من الأحقاد والضغائن وما يشبه ذلك، وهذا موجود يعني، الأثر هذا موجود، إضافة إلى ما يتعرض له الطرف الأول سواء كان البائع أو المشتري في الصورة الأولى البائع، وفي الثانية المشتري، يتعرض لضغوط، وتحسر من الطرف الثاني، لا شك أن هذا له أثر في نفس الطرف الآخر.