قال مالك: ولا تلبس المرأة الحاد على زوجها شيئاً من الحلي خاتماً ولا خلخالاً ولا غير ذلك من الحلي ولا تلبس شيئاً من العصب إلا أن يكون عصباً غليظاً ولا تلبس ثوباً مصبوغاً بشيء من الصبغ إلا بالسواد ولا تمتشط إلا بالسدر، وما أشبهه مما لا يختمر في رأسها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة، وقد جعلت على عينيها صِبْراً ...
صَبِراً
أحسن الله إليك.
وقد جعلت على عينيها صبراً، فقال: ((ما هذا يا أم سلمة؟ )) فقالت: إنما هو صبر يا رسول الله، قال: ((اجعليه في الليل، وامسحيه بالنهار)).
قال مالك -رحمه الله-: الإحداد على الصبية التي لم تبلغ المحيض كهيئته على التي قد بلغت المحيض تجتنب ما تجتنب المرأة البالغة إذا هلك عنها زوجها.
قال مالك: تحد الأمة إذا توفي عنها زوجها شهرين وخمس ليال مثل عدتها.
قال مالك: ليس على أم الولد إحداد إذا هلك عنها سيدها، ولا على أمة يموت عنها سيدها إحداد، وإنما الإحداد على ذوات الأزواج.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: تجمع الحاد رأسها بالسدر والزيت.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الإحداد
الإحداد مصدر من أحدت المرأة تحد إحداداً، يعني من الرباعي، واصله من الحد وهو المنع؛ لأن من توفي عنها زوجها تمتنع من لبس ما يطمع الخطاب فيها من الألبسة الجميلة، ومن الطيب، والتحلي بذهب أو غيره، المقصود أن المرأة التي توفي عنها زوجها لا تتجمل؛ لئلا يرغب فيها أحد، نظراً لحق الله -جل وعلا-، وحق زوجها، زوجها له حق، ولذا لا يجوز الإحداد على أحد كائناً من كان إلا ما استثني ثلاث ليال إذا مات الأب، مات القريب عزيز مثلاً تحد المرأة.