"فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالناس وليسوا على ماء" لو أن المشكي غير عائشة، شخص آخر، لقال أبو بكر كعادته: "الله ورسوله أعلم" نعم يرضى ويسلم باختيار النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن لما كانت ابنته هي السبب لو قال مثل هذا لعده الناس تقصير منه من أجل ابنته، تقصير لو ما أزال هذه الشكوى، أو امتثل هذه الشكوى، وعمل بموجبها "ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، قالت عائشة: فجاء أبو بكر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضع رأسه على فخذي" في هذا دخول الرجل على ابنته وإن كان زوجها عندها، نعم، إذا علم رضاه بذلك، أما إذا علم أن الزوج لايرضى فإنه لا يدخل إلا بإذنه "قد نام، قال: حبست رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر" لم تقل: أبي، ما قالت: عاتبني أبي، فعاتبني أبو بكر، لماذا؟ لأن ما حصل منه ينافي مقتضى الأبوة، الأبوة مقتضاها تقتضي الحنو والعطف والشفقة، وهو سبها بكلام، وبفعل طعنها في خاصرتها، فلم تقل: أبي؛ لأن الأبوة تقتضي الحنو، وما وقع من القول والتأديب بالفعل مغاير لذلك في الظاهر، فلذلك أنزلته منزلة الأجنبي، هذا التماس لكونها عدلت من أبي إلى أبي بكر، وإن كان مثل هذا التأديب هو في ظاهره ينافي الحنو، وينافي الرحمة التي جبل عليها الأب في الظاهر، لكن القسوة على المرحوم لتأديبه في حقيقة الأمر لا تنافي .. ، ولذلك أمرنا بضرب الأبناء على الصلاة، أو الأولاد على الصلاة لعشر، وأمرنا بتأديبهم، كذلك الزوجة {وَاضْرِبُوهُنَّ} [(34) سورة النساء] كذلك المعلم، كل من وكل إليه أمر التأديب له أن يؤدب، وللحاكم والوالي أن يعزر، ويقيم الحدود، وهذا من الرحمة بالناس.

"فقال ما شاء الله أن يقول" في بعض الروايات: قال لها: حبست الناس في قلادة أي بسببها "وجعل يطعن بيده في خاصرتي" يطعُن بضم العين في الحسيات، وبفتحها في المعنويات، لو كان الطعن في النسب مثلاً أو في العلم أو في الرأي قلنا: يطعَن، لكن في المحسوس "يطعُن".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015