الأقراء ماذا يراد بها؟ هل يراد بها الأطهار كما يختاره الإمام مالك وهو مذهب الشافعي أو أن المراد بالأقراء الحيض كما هو قول أبي حنيفة وأحمد؟ مسألة خلافية، طويلة الذيول والاستدلال، ولا شك أن القرء في لغة العرب يطلق على الأمرين، يطلق على الطهر، ويطلق على الحيض، والنصوص التي أوردها المؤلف هنا، عن عائشة وغيرها تدل على أن المراد بالأقراء الأطهار، الأقراء هي الأطهار، وما جاء في الحديث الصحيح: ((دعي الصلاة أيام أقرائك)) لا يشك أن المراد بالأقراء الحيض، والمرجح عند الحنفية والحنابلة أن الأقراء هي الحيض، ويقابلهم الشافعية والمالكية يقولون: الأقراء الأطهار، وعدة الطلاق لذات الأقراء عدتها ثلاث حيض، والآيسة والصغيرة عدتها ثلاثة أشهر، والحامل بوضع الحمل، والوفاة أربعة أشهر وعشر.
على كل حال العدد معروف طلاق الحائض، يعني من طلق زوجته وهي حائض كما صنع ابن عمر، أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر في طهر لم يجامعها فيه، وهذا معلوم أن طلاق الحائض لا يجوز، بدعة ومحرم، وفي وقوعه خلاف عند أهل العلم، هل يقع أو لا يقع؟ والجمهور على أنه يقع، وجاء في بعض الروايات عن ابن عمر أنها حسبت عليه، وهذا كالنص، والذين يقولون: إنه لا يقع، قالوا: ليس عليه أمرنا، كما في حديث: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) أي مردود عليه، وهو بدعة، والأمور المبتدعة لا تترتب عليها آثارها.
وكنت أميل إلى قول الجمهور؛ لأنه قال عامة أهل العلم، حتى نسب القول بعدم وقوعه إلى أنه قول شاذ، نصره شيخ الإسلام وابن القيم، ثم بعد ذلك اشتهر وصار العمل عليه مدة من الزمن، المقصود أنه من حيث الوقوع وعدمه الصريح من قول ابن عمر أنها حسبت عليه، وهو أعرف بهذا.