وهنا يقول: "حدثني مالك عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلمن بأرضهن، وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار" ثم ذكر منهن، يقول: "منهن بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح" هذه القصة لا شك أنها مرسلة، وابن شهاب ما حضر، يحكي قصة لم يشهدها، وأصلها في صحيح مسلم "وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام" خشية أن يدرك فيقتل، أو يرغم على الإسلام "فبعث إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ليكون أمارة وعلامة على صدقه "أماناً لصفوان بن أمية" وتصديقاً لوهب بن عمير "ودعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وأن يقدم عليه" وهذا الأمر معمول به إلى الآن، يعني إذا أراد أن يصدق الرسول بعث معه شيئاً يعرف به، يعرف أن هذا لفلان، يدل على صدقه، وأنه بالفعل جاء منه "ودعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمراً قبله، وإلا سيره شهرين" ثم بعد ذلك قال: بل لك أن تسير أو تسير أربعة أشهر، يعني على ما جاء في أول سورة براءة {بَرَاءةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [(1 - 2) سورة التوبة] يعطيه هذه المهلة، فقال: "وإلا يسيره شهرين، فلما قدم صفوان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بردائه" بهذه الأمارة، بهذه العلامة "ناداه على رؤوس الناس فقال: يا محمد" لأنه مشرك، لا يعتقد أنه رسول من الله -جل وعلا-، "قال: يا محمد، إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمراً قبلته، وسيرتني شهرين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزل أبا وهب)) " يعني أبا وهب هذه كنيته "فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي" ويستعمل مثل هذا الأسلوب للضغط على المقابل يعني إذا طرق عليك الباب شخص فقلت له: ادخل، قال: لا والله لا أدخل حتى تجيبني إلى ما أطلب، أو دخل ثم سكبت له الماء أو القهوة أو الشاي قال: والله ما أشرب