"قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [(5) سورة المائدة] " يعني هل هذا مخصص من قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [(221) سورة البقرة] أو نقول: إن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، ولو كان فيهم شرك فلا نحتاج إلى مخصص؟ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(1) سورة البينة] فالذي يقرره جمع من أهل العلم ومنهم الحافظ ابن رجب -رحمه الله- أن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، هم كفار إجماعاً، كفار إجماعاً، قالوا: ومن شك في كفرهم كفر إجماعاً أيضاً، أهل الكتاب اليهود والنصارى، لكن هل يقال لهم: مشركون أو يقال: فيهم شرك؟ وفرق بين أن يكون الشخص مشركاً، أو فيه شرك، فرق بين أن يكون جاهلياً أو فيه جاهلية، فرق بين هذا وهذا، فالذي يقرره الحافظ ابن رجب أنهم ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك، مثل هذا بعض غلاة المبتدعة الذين يصرفون لبعض المخلوقين بعض حقوق الله -جل وعلا-، هل يقال: إنهم مشركون، أو يقال: فيهم شرك؟ يعني الأصل فيهم التوحيد، ثم دخل عليهم الشرك كما دخل على اليهود والنصارى، ويكون حينئذٍ فرق بين هذا وهذا، والشرك إذا وجد أحبط العمل، هذا ما فيه إشكال ولا خلاف، قد يقول قائل: ما الفائدة ما داموا كفار لماذا لا نقول: مشركين؟ يعني أهل الكتاب؟ الفرق لمجرد أننا هل نحتاج إلى مخصص يخرج نساء أهل الكتاب من قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] أو لا نحتاج إلى مخصص؛ لأنهم لا يدخلون أصلاً في النص؟ وإذا احتجنا إلى مخصص فالمخصص موجود، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، هذا مخصص موجود، والخلاف يقرب من أن يكون لفظياً، حتى في المسلم الذي أصله الإسلام، ثم يشرك بصرف شيء من حقوق الرب -جل وعلا- لأحد من خلقه الخلاف لفظي {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] وهذا قيل في حق أفضل الخلق {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر]