وفي سنن أبي داود حديث حسنه أهل العلم: "أن المرأة ليس لها أن تتصدق ولا تتصرف إلا بإذن زوجها" فإما أن يحمل هذا على أنه من باب الاستحباب والإرشاد، أو يقال: إن الصدقة بالشيء اليسير لا يحتاج إلى إذن، وأما الشيء الكبير فيحتاج إلى إذن، ومعروف أن تصرف المرأة في الغالب نفعه أقل من ضرره، فهي لا تحسن التصرف، ولا يقال: إن الإسلام بخس المرأة حقها، وجعل عليها الولاية للرجل، نعم عليها الولاية للرجل، يعني ولا نستطيع أن نتبرأ من مثل هذا، أو نتنصل عنه، لكن كما قال الله -جل وعلا-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [(228) سورة البقرة] لكن الرجال مفضلون على النساء من هذا الباب، وهم أولياء الأمور، ولهم الكلمة النافذة على نسائهم، ومع ذلك المرأة كاملة الحرية، ولها من الحقوق مثل الذي عليها، بل جعل الشرع لها من الصيانة والحقوق على الزوج أكثر مما للزوج عليها، يعني من حيث حفظ الحقوق والرعاية؛ لأن جانبها ضعيف، فجاء التشديد في حقها، وأما الزوج فبقوته وسلطانه عليها لا يحتاج إلى مثل هذا التشديد، نظير ذلك ما جاء في النصوص من التشديد في حقوق الوالدين، لم يجيء نظيره من التشديد في حقوق الأولاد؛ لأن الولد ليس عنده من الغريزة ومن العطف والشفقة على والديه مثل ما عند الوالدين للولد، ولذا تجد أمور البر مشدد فيها؛ لأنها بصدد أن تضيع حقوق الوالدين بخلاف حقوق الأولاد، وكذلك حق المرأة واليتيم جاء التشديد فيهما، وظلم النساء جاء النهي عنه، والتحذير منه في خطبة حجة الوداع، ((عوان عندكم)) أسيرات عندكم، فلا يجوز ظلمهن بحال، ومع ذلك لهن من الحقوق وعليهن من الحقوق ما بينته الشريعة، وكفلته للطرفين.