فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
البسملة موجودة في التراجم الكبرى، الكتب، كتب هذا الكتاب مسبوقة بالبسملة، وهي موجودة أيضاً في كثير من كتب السنة كصحيح البخاري، وهي أحياناً -وهو الغالب- تقدم على الترجمة، وأحياناً تؤخر عنها، تقدم أحياناً على الترجمة كما هنا:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
وأحياناً في صحيح البخاري تؤخر عن الترجمة:
كتاب النكاح
بسم الله الرحمن الرحيم
ولكل وجه، أما تقديمها على الترجمة فهذا هو الأصل أن يبتدئ بها، وأما تأخيرها عن الترجمة فالترجمة بمثابة اسم السورة في المصحف، وهي متقدمة على البسملة، على كل حال الأمر سهل يعني سواءً تقدمت أو تأخرت، المشروع أن يبدأ بها.
قوله: "كتاب النكاح" الكتاب مضى تعريفه مراراً، وهو أنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، والمادة تدور على الجمع، فالكتب هو الجمع، والكتابة جمع واجتماع، يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ومنه كما يقول أهل العلم لجماعة الخيل: كتيبة، ومنه أيضاً قول الحريري:
وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً ... ولا قرأوا ما خط في الكتبِ
يقصد بذلك الخرازين الذين يجمعون بين صفائح الجلود بخرازها، ومثل من يجمع بين الخرز مثلاً يكتبها، ينظمها في سلك واحد فيجمعها، والمراد به هنا المكتوب، اسم المصدر يراد به اسم المفعول، كالحمل يراد به المحمول، والمراد المكتوب الجامع لمسائل النكاح.
والنكاح مصدر نكح ينكح نكاحاً، والأصل فيه الضم، يقال: تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض، ويقول الشاعر:
أيها المنكح الثريا سهيلاً ... عمرك الله كيف يجتمعان؟
يعني كيف تضم سهيل وهو يماني إلى الثريا وهي شامية؟ كيف يجتمعان؟ فالمراد بالنكاح في أصل اللغة: الضم والتداخل.
وهو في الاصطلاح متردد بين العقد والوطء، فمن أهل العلم من اللغويين وغيرهم يرون أن الأصل فيه العقد، النكاح هو العقد، وإطلاقه على الوطء مجاز، ومنهم من يرى العكس، حقيقته في الوطء، وإطلاقه على العقد مجاز، ووروده في النصوص في العقد أكثر، وفي الوطء {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [(230) سورة البقرة] يعني لا بد أن توطأ بالعقد الصحيح.