قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو" بن حرام، والد جابر بن عبد الله "الأنصاريين ثم السلميين" هما من بني سلمة، وبنو سلمة عند النسب يقال: سلمي؛ لأن كل مكسور الثاني يفتح في النسب، سلِمة سلمي، ما يقال: سلِمي، لا تتوالى كسرات كثيرة ما يصلح، نمِرة نمري، كأبي عمر الذي تكرر عندنا ابن عبد البر النمري، النسبة إلى ملك، ملَكي، ما يقال: ملِكي، مثلها، هذه قاعدة عند أهل العلم.
قال: "ثم السلميين، كانا قد حفر السيل قبرهما" يعني جاء السيل فاجتاح القبور، ومنها القبر الذي فيه هذين الصحابيين "وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد" السنة الثالثة يعني بعد ستة وأربعين سنة حفر قبرهما "وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد، فحفر عنهما ليغيَرا من مكانهما" على شان ما يصيرون في طريق السيل، كل ما جاء سيل اجتاح القبر، نبشا فغير مكانهما "فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس" القريب، وهكذا الأرض لا تأكل أجساد الشهداء، ومن باب أولى الأنبياء "وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه" واضع يده ماسك الدم لا يخرج بيده، فوضع يده على جرحه "فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه" أزيلت، لما أزيلت خرج الدم، "فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة" وهذا مما يبين فضل الشهادة والقتل في سبيل الله.
"قال مالك: لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد من ضرورة" إما لكثرة الأموات، أو لضيق الأرض مثلاً "ويجعل الأكبر مما يلي القبلة" امتثالاً لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((كبر كبر)) فالسن له دور في مثل هذا.