قال مالك: لا أرى البراذين والهجن إلا من الخيل؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [(8) سورة النحل] وقال -عز وجل-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} [(60) سورة الأنفال] قال مالك: فأنا أرى البراذين والهجن من الخيل إذا أجازها الوالي، وقد قال سعيد بن المسيب: وسئل عن البراذين هل فيها من صدقة؟ فقال: وهل في الخيل من صدقة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القسم للخيل في الغزو
الغزاة إما ركبان وإما رجال مشاة، والركبان إما أن يكونوا على الخيل أو على الإبل، ولكل حكمه، القسم للخيل .. ، الراجل معروف له سهم، ولا يستحق أكثر من ذلك، أسوة بغيره، والإبل تختلف عن الخيل، والخيل التي فيها النص حيث أعطي صاحب الخيل الذي يغزو على فرس ثلاثة أسهم، والراجل سهم واحد، للفارس سهم، وللفرس سهمان، هذا قول جمهور أهل العلم لما دلت عليه الأحاديث الصحيحة.
أبو حنيفة -رحمه الله- يرى أنه للفرس سهم واحد ولصاحبه سهم، ويقول: لا أفضل حيوان على إنسان مسلم،
هذا ليس من باب تفضيل الحيوان، وإنما تفضيل لصاحبه، معروف أن الجهاد مما يحقق النصر فيما يتعلق في المال والإنفاق في سبيل الله أكثر النصوص تدل عليه، أكثر من جهاد النفس، الجهاد بالمال دلت النصوص عليه أكثر مما دل على الجهاد بالنفس، ما يدل على أن الآلة لها دور كبير، والخيل على وجه الخصوص خير ما يعين على القتال، وفي حكهما المستحدثات من الآلات التي يفاد منها في هذا الباب.
أبو حنيفة يقول: الفارس له سهم، والفرس له سهم، يعني لا يمكن أن يفضل حيوان على إنسان مسلم، لكن لو نظرنا إلى النفع في هذا الباب بلا شك أن الفارس يمكن عن عشرة مشاة، الرجل الذي على فرس يكون عن عشرة مشاة، فلا شك أن هذه القسمة قسمة شرعية، ولا اعتراض لأحد عليها، ولا اجتهاد مع النص، فيقسم للفرس سهمان، وللرجل سهم إن كان معه فرس حوز ثلاثة أسهم، وإن كان بدونه فسهم واحد.