قال يحيى: وسئل مالك عن الرجل يصيب الطعام في أرض العدو فيأكل منه، ويتزود فيفضل منه شيء، أيصلح له أن يحبسه فيأكله في أهله، أو يبيعه قبل أن يقدم بلاده فينتفع بثمنه؟ قال مالك: إن باعه وهو في الغزو فإني أرى أن يجعل ثمنه في غنائم المسلمين، وإن بلغ به بلده فلا أرى بأساً أن يأكله، وينتفع به إذا كان يسيراً تافهاً.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجوز للمسلمين أكله قبل الخمس
يعني لا ينتظر به القسمة، يعني لا يجوز لأحد من المقاتلين ولا من غيرهم أن يستولي على شيء من الغنيمة قبل أن تقسم، الأصل التحريم، وهذا هو الغلول، الأخذ من الغنيمة قبل أن تقسم، لكن هناك ما يستثنى كالطعام مثلاً، ينتظر فيه إلى أن تنتهي المعركة ثم يقسم، والناس بحاجة إليه، فمثل هذا جرت العادة بأنهم يتسامحون فيه، ولا يتبعونه أنفسهم.
"قال مالك: لا أرى بأساً أن يأكل المسلمون إذا دخلوا أرض العدو من طعامهم ما وجدوا من ذلك كله" قبل أن يقسم "قبل أن يقع في المقاسم" الطعام يؤكل أولاً لمسيس الحاجة إليه، والأمر الثاني لأنه عرضة لأن يتلف.
"قال مالك: وأنا أرى الإبل والبقر والغنم بمنزلة الطعام" وهي طعام، قد يحتاجون إلى طعام، ولا يوجد طعام غير الإبل الحية والبقر الحية، والغنم الحية، يذبحونها وينحرون الإبل، ويأكلون منها كالطعام، لمسيس الحاجة إليها "يأكل منه المسلمون إذا دخلوا أرض العدو" لأنها لا تقوم حياتهم إلا بهذا، وإذا قلنا: لا يأكلون حتى تقسم يضر بهم هذا، يضر بهم ضرراً بالغاً "كما يأكلون من الطعام، ولو أن ذلك لا يؤكل حتى يحضر الناس المقاسم، ويقسم بينهم أضر ذلك بالجيوش" لأن الحياة لا تقوم إلا بالطعام والشراب "فلا أرى بأساً بما أكل من ذلك كله على وجه المعروف" ما يأتي شخص إلى جمل فينحره بحجة الأكل منه، ثم يأخذه ويدخر نصفه، ويقده، ويشمسه وييبسه، أو يأخذ معه حوافظ يثلجه ثم بعد ذلك يرجع به، لا، إنما هذا بالمعروف، بقدر ما يحتاج إليه للأكل فقط.