"قال مالك: تفسير الحديث" -حديث عاصم بن عدي الذي تقدم- تفسير الحديث "الذي أرخص فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نُرى" يعني نظن "-والله أعلم-" يعني بما أراده الرسول -عليه الصلاة والسلام- من حديثه؛ وفي هذا تحري من الإمام مالك -رحمه الله تعالى- عند إقدامه على تفسير الحديث؛ لأن تفسير الحديث مفاده أن هذا مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا الحديث، فإذا أقدم على تفسير الحديث من غير أن يقف فيه على ما يدل على تفسيره سواء كان من النصوص، أو من لغة العرب؛ لاشك أنه جاء التحذير منه؛ وهذا قول على رسول الله بغير علم، كان سلف هذه الأمة يتوقون الكلام في الغريب؛ ولما سئل الأصمعي عن الصقب في حديث الجار أحق بصقبه؛ قال: أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما العرب تزعم أن الصقب هو اللزيق؛ العرب تزعم أن الصقب هو اللزيق؛ فإذا كان الأصمعي الذي يحفظ مئات الألوف من الأبيات من لغة العرب؛ من ديوان العرب؛ يقول هذا الكلام؛ فكيف بغيره الذي لا يفهم كثير من مفردات اللغة؛ فضلاً عن أن يكون حافظاً لها؟ يعني لا يفهمها لو قرأها؛ فكيف بحفظها؛ يقدمون بكل جرأة، ويتحدثون عن النصوص، ويشرحون، ويجزمون بمراد الله، ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- بأن مراده هذا من غير تردد؛ ويمثل هذا الإقدام، وهذه الجرأة؛ لاشك أنها مذمومة؛ لكن لو أن الإنسان سمع نصاً، وسئل عنه، ولم يكن له به علم، ولا سابق مراجعة، وقال: لعل المراد كذا، لعل المراد كذا؛ فمثل هذه الحالة لا يلام؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ذكر حديث السبعين الألف ثم دخل إلى منزلة؛ توقعوا لعلهم كذا .. لعلهم كذا .. لعلهم كذا .. ما ثرَّب عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهنا الإمام مالك يقول: "فيما نُرى"، ما قال: فيما نَرى، فيما نَرى! وهو مالك نجم السنن! إمام دار الهجرة! تجد الآن الطالب وهو في مرحلة الطلب؛ والذي نراه؛ الذي عليه الأئمة كذا، والذي نراه؛ والإمام مالك يقول: "فيما نُرى" يعني نظن "-والله أعلم-" وكل العلم إلى عالمه؛ يعني والله أعلم بمراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- "أنهم يرمون يوم النحر" جمرة