قال مالك –رحمه الله-: تفسير الحديث الذي أرخص فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نرى -والله أعلم- أنهم يرمون يوم النحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد؛ وذلك يوم النفر الأول، فيرمون لليوم الذي مضى ثم يرمون ليومهم ذلك؛ لأنه لا يقضي أحد شيئاً حتى يجب عليه؛ فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء بعد ذلك؛ فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد؛ رموا مع الناس يوم النفر الآخر، ونفروا.

وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد نُفِست بالمزدلفة؛ فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر؛ فأمرهما عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- أن ترميا الجمرة حين أتتا، ولم ير عليهما شيئا.

قال يحيى سئل مالك عمن نسي جمرة من الجمار في بعض أيام منى حتى يمسي؟ قال: ليرمي أي ساعة ذكر من ليل أو نهار كما يصلي الصلاة إذا نسيها، ثم ذكرها ليلاً أو نهاراً؛ فإن كان ذلك بعد ما صدر وهو بمكة، أو بعدما يخرج منها فعليه الهدي.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب الرخصة في باب الجمار".

الرخصة في رمي الجمار؛ والرخصة في الترك، أو في التأخير، أو في الجمع بين اليومين والثلاثة؛ المقصود أن الرخصة توحي بهذا الأمور كلها.

"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر" ابن محمد بن عمرو "ابن حزم عن أبيه أن أبا البدَّاح" يقال: هذا اسمه، ويقال: اشتهر بهذه الكنية، ولا يعرف اسمه؛ مثل العادة أن من اشتهر بشيء يضيع غيره؛ يعني من اشتهر بالكنية يضيع عليه الاسم، ومن اشتهر بالاسم تضيع الكنية.

"ابن عاصم بن عدي" الأنصاري مولاهم "أخبره عن أبيه" عاصم: صحابي شهد أحد "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرخص لرعاء" جمع راع "لرعاء الإبل في البيتوتة" البيتوتة: مصدر بات "خارجين من منى" رعاء الإبل أرخص لهم أن يبيتوا خارج منى؛ لانشغالهم بالرعي بحيث لو تركوا هذه الإبل؛ لتفرقت يميناً وشمالاً؛ والحجاج بحاجتها؛ أرخص لهم فدل على أن المبيت واجب؛ لأنه لو كان ليس بواجب؛ لما احتاجوا أن يرخص لهم؛ السنة لا تحتاج إلى ترخيص، ومثل ما قلنا: لو كان ركناً لما أرخص فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015