"حدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يشق جلال بدنه, ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة" كان لا يشق جلال بدنه؛ لأن شق الجلال فيه إضاعة وإتلاف لشيء من المال "ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة؛ لكي يوفر هذا الجلال من كثرة الاستعمال, قال: "وإذا نحرها نزع جلالها" مخافة أن يفسدها الدم, ثم يتصدق بها؛ لأنه إذا أفسدها الدم قلَّت ماليتها وتأثرت, وقد لا يوجد من يقبلها.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يقول لبنيه" عروة بن الزبير كان يقول لبنيه ": يا بني لا يهدين أحدكم من البدن شيئاً يستحيي أن يهديه لكريمه" يعني الشخص الغالي عليه ما يهديه الشيء الردي, فلا يهدي هذا الشيء الردي إلى الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ} [(267) سورة البقرة] , فلا يهدي شيئاً يستحيي من إهدائه لكريمه "فإن الله أكرم الكرماء" فإذا كان الآدمي المسكين؛ الآدمي المسكين يُستحيى منه فالله -جل وعلا- أحق وأكرم أن يستحيى منه من الناس "وأحق من اختير له" الأجود والأطيب: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [(32) سورة الحج] , فكل ما يخرج لله -جل وعلا- يتوخى فيه أن يكون أطيب الموجود, وقد قيل: إن الشعائر هنا هي ما يشعر من الأنعام؛ الشعائر: جمع شعيرة؛ فعيلة؛ بمعنى المفعول ما يفعل به؛ ما يهدى, وما يشعر من الأنعام.
والله أعلم.
.. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله؛ نبينا محمد، وعلى آله ....