"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: قلت لعائشة أم المؤمنين" وهي خالته, "وأنا يومئذ حديث السن" صغير فهم الآية على ما ذكر؛ لأنه صغير السن, وقد يفهم الكبير الذي لا يعرف السبب مثل فهمه؛ قد يفهم مثل فهمه, وقد فهم منها هذا الفهم من لم يوجب السعي؛ وأما حكمه فعند الجمهور ركن من أركان الحج لا يتم إلا به, وهو قول المالكية -كما هنا- والشافعية والحنابلة, والحنفية يرون وجوبه يجبر بدم؛ والحنفية هم يرون أن مثل هذه الآية ليست ملزمة, ولا تدل على الشرطية مثل ما فهم عروة؛ لكن إذا قارنا قولهم هنا، وفهمهم لهذه الآية مع فهم قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} [سورة النساء (101)] , وهم يوجبون القصر؛ يوجبون القصر بالآية، وبما جاء معها من النصوص؛ والجمهور فهموا من آية: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} [سورة النساء (101)]؛ أنه ليس بواجب, وفهموا من هذه الآية أنه ركن؛ يعني عكس الحنفية في المسألتين؛ فهل نقول: بالنسبة لقوله -جل وعلا- .. ؟ يقول في الحديث: قلت لعائشة أم المؤمنين، وأنا يومئذٍ حديث السن؛ يعني صغير "أرأيتِ" أخبريني عن معنى "قول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِر اللهِِ} [سورة البقرة (158)] " وشعائر الله أعمال الحج " {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ} [سورة البقرة (158)] " لا إثم عليه, " {أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة (158)] " يطَّوّف: أصله يتطوّف؛ أبدلت التاء طاء، ثم أدغمت التاء بالطاء؛ صارت يطوّف, {بِهِمَا} [سورة البقرة (158)] أي بالصفا والمروة؛ فيسعى "فما على الرجل" ومثله المرأة "شيء ألا يطوّف بهما؟ " هذا فهمه -رحمه الله- هذا فهمه للآية؛ لأن رفع الجناح؛ رفع الإثم لا يقتضي اللزوم ولا الوجوب, ولو قيل: بأنه مباح ما بعد؛ لأنه لا يلزم من رفع الإثم ورفع الجناح الوجوب؛ هذا الأصل "فما على الرجل شيء ألا يطوّف بهما؟ " ومفهومها أن السعي ليس بواجب "فقالت عائشة -رضي الله عنها-" رداً عليه ": كلا" وفيها الردع والزجر