"وحدثني عن مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر؛ وهو على الصفا يدعو" يعني موقوف على ابن عمر بأصح الأسانيد "وهو على الصفا يدعو ويقول: اللهم إنك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر (60)] " وهذا يشمل دعاء المسألة, ويشمل –أيضاً- دعاء العبادة؛ لكنه هنا عند ابن عمر دعاء مسألة؛ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر (60)]؛ ادعوني: هذا أمر, أستجب: هذا جواب الطلب, أو مجزوم بشرط مقدر: إن تدعوني أستجب "وإنك لا تخلف الميعاد, وإني أسألك" بدأ بهذه الآية: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر (60)]؛ لتكون مقدمة لدعائه؛ يدل بها على ربه -جل وعلا- "وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني" وأي دعوة أعظم من مثل هذه, دعوة على الثبات "حتى تتوفاني وأنا مسلم. " حتى تتوفاني وأنا مسلم, في دعاء إبراهيم: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [سورة إبراهيم (35)] , وهو الذي كسر الأصنام، وفي دعاء محمد -عليه الصلاة والسلام-: ((وإذا أردت بعبادك فتنة؛ فاقبضني إليك غير مفتون))؛ فالدعاء في مثل هذا أمر ينبغي أن يكون ديدن المسلم لا سيما طالب العلم, والفتن تموج بالناس "ألا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم" تتميماً لنعمتك العظيمة؛ ليفوز بالجنة، وينجو من النار.
ابن القيم -رحمه الله- يقول:
والله ما خوفي الذنوب وإنها ... لعلى سبيل العفو والغفران
لكن ما أخشى انسلاخ القلب من ... تحكيم هذا الوحي والقرآن
ورضاً بآراء الرجال وخرصها ... لا كان ذاك بمنة الرحمن
المقصود أن الإنسان يلهج دائماً بالدعاء بالثبات، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع السعي: