"حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي" جعفر الصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين الباقر "عن جابر بن عبد الله أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" قال في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الطويل الذي بيّن فيه جابر الحجة النبوية، ووضحها، وأتقنها، وضبطها منذ خروجه -عليه الصلاة والسلام- من المدينة إلى رجوعه إليها؛ وهو أجمع حديث في الباب، وأورد منه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في موطئه قطعاً تقدم بعضها، وفرقه في مواضع؛ والجمع والتفريق عند أهل العلم بالنسبة للروايات -تقطيع الحديث- جائز عند الجمهور؛ يشترطون في ذلك ألا يترتب فهم الحديث على ما حُذف؛ يعني ترتب فهم المذكور على ما حُذف؛ أما إذا كان المذكور لا يفهم إلا بما حذف فإنه لا يجوز حينئذ؛ كونه تقييد، أو استثناء، أو اشتراط، أو ما أشبه ذلك؛ فمثل هذا لا يجوز إلا أن يذكر إلا بفصه, أما إذا أمكن فصل جمل بعضه عن بعض, ولا يترتب فهم بعض الجمل على الجمل الأخرى؛ فلا مانع من تقطيعه, وفعله البخاري كثيراً, ويفعله الإمام مالك وغيره, وإذا كان هذا جائز في القرآن؛ ففي السنة من باب أولى؛ إذا كانت الجمل يمكن فصلها عن بعض؛ مثلنا مراراً بقوله –جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [سورة النساء (58)] , فإذا كان الحديث عن الأمانة؛ هل يلزم أن نقول: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [سورة النساء (58)]؟ ما يلزم, وإذا كان الحديث عن العدل، واقتصرنا على هذه الجملة؛ لا يلزم أن نقول من أول الآية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [سورة النساء (58)]، وعمل أهل العلم وصنيعهم على هذا جاري؛ كثيراً ما يقتصرون على بعض الآية, وبعض الحديث, ومنه ما عندنا؛ أنه "قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول حين خرج من المسجد" خرج من المسجد؛ يعني بعد والطواف، وصلاة الركعتين؛ خرج من المسجد؛ إلى أين؟ إلى المسعى؛ فالمسعى خارج المسجد, ولا يزال إلى الآن خارج المسجد؛ إلى الآن لم يدخل في المسجد "خرج من المسجد وهو يريد الصفا" فلما دنى إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015