قال: "حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد" المعروف بالباقر، جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الباقر جعفر الصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين اللي هو الباقر، فجعفر هو الصادق، وأبوه محمد بن علي هو الباقر "عن جابر بن عبد الله" الصحابي الجليل، راوي الحجة النبوية في مسلم وفي غيره، وهذا قطعة من حديثه الطويل في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف" وهذا في حجة الوداع، رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه، بمعنى أنه استوعب الأشواط الثلاثة بالرمل، وأما في عمرة القضاء فكان رمله من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ويمشي بين الركنين، يمشي بين الركنين، لماذا؟ لأن المشركين الذين قالوا ما قالوا، وشرع الرمل من أجل مقالتهم ولدفعها وردها كانوا من جهة الحجر، لا يرونهم إذا كانوا بين الركنين، فيمشون؛ لأنهم لا يرون، ويحققون الحكمة من الرمل، وأما في حجة والوداع وقد انتهى سبب التشريع وعلته رُجع إلى الأصل؛ لأن الترك إنما هو من أجل مراءاة المشركين، وإغاظة المشركين، والإبقاء على من قدم من بعيد، ثم ارتفعت هذه العلة، وبقي الرمل مع ارتفاع علته؛ لأنه لا يوجد من يقول: يأتي محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب ومع ذلك بقي الحكم، وهذا من الأحكام التي شرعت لعلة فارتفعت العلة وبقي الحكم كالقصر، القصر الأصل في مشروعيته {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] فارتفع الخوف صار صدقة، وهذا أيضاً ارتفعت علته وبقي حكمه، وما صار للمشي بين الركنين مبرر؛ لأنه لا يوجد من يراءى في مثل هذا، والمراءاة هذه من أجل إغاظتهم، يعني ما هو بالفعل الدافع لهذا الفعل تشريكهم به مع الله -جل وعلا- ليكون من باب الرياء، لا، وإن جاء لفظ المراءاة لكن المقصود بها الإغاظة، إغاظة الكفار {وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ} [(120) سورة التوبة] وهذا يغيظهم، وما يذكر عن بعضهم أنه إذا كان وطء نسائهم يغيظهم جاز، هذا لا أصل له، يعني الاسترسال في مثل هذا، هذا ينسب لبعض أهل العلم، لكن مع ذلك قول ساقط، بعضهم أطلقوا، أطلقوا.