نأتي إلى كلام الشيخ في مسألة الإحصار، وهل يختص بالعدو أو يشمل كل ما يمنع من أداء النسك؟
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] اختلف العلماء في المراد بالإحصار في هذه الآية الكريمة، فقال قوم: هو صد العدو المحرم ومنعه إياه من الطواف بالبيت، وقال قوم: المراد به ما يشمل الجميع من عدو ومرض ونحو ذلك، ولكن قوله تعالى بعد هذا: {فَإِذَآ أَمِنتُمْ} يشير إلى أن المراد بالإحصار هنا صد العدو للمحرم -وفي هذا يرد الشيخ على مالك أنه خاص بالمرض- لأن الأمن إذا أطلق في لغة العرب انصرف إلى الأمن من الخوف لا إلى الشفاء من المرض ونحو ذلك، ويؤيده أنه لم يذكر الشيء الذي منه الأمن فدل على أن المراد به ما تقدم من الإحصار، فثبت أنه الخوف من العدو، فما أجاب به بعض العلماء من أن الأمن يطلق على الأمن من المرض كما في حديث: ((من سبق العاطس بالحمد أمن من الشوص واللوص والعلوص)) أخرجه ابن ماجه في سننه فهو ظاهر السقوط.
أولاً: الحديث من سنين وأنا أبحث عنه في ابن ماجه ما وجدته، وسبق الشيخ الشنقيطي إلى عزوه إلى ابن ماجه القرطبي، وبالمناسبة يعني كثير من مباحث الكتاب موجودة في القرطبي، وكأنه أصل لهذا الكتاب، أما إذا قال: قال مقيده فهي اجتهادات الشيخ، لكن الكتاب معوله على القرطبي في كثير من مباحثه، ولا يعني هذا أن الشيخ ليس له جهد ولا دور، لا، الكتاب متميز، إذا قال الشيخ: قال مقيده الزم، تحرير وتحقيق وفهم دقيق قد لا يوجد عند غيره -رحمه الله-.
فهذا الحديث ما وقفت عليه في سنن ابن ماجه، ولعله في بعض الروايات التي لم تصلنا.
أخرجه ابن ماجه في سننه فهو ظاهر السقوط؛ لأن الأمن فيه مقيد بكونه من المرض، فلو أطلق لانصرف إلى الأمن من الخوف.