يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فسألوه عن لحم صيد وجدوه عند أهل الربذة فأمرهم بأكله" وعرفنا السبب أنهم لم يصيدوه، ولم يصد من أجلهم "قال أبو هريرة: ثم إني شككت فيما أمرتهم به، فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لعمر بن الخطاب" يعني مع هيبة عمر، ومع قوته في الحق إلا أن الأمر وهذه الفتاوى أخذت تساور أبا هريرة لتحريه وورعه واحتياطه لذمته شك فلما قدم المدينة ذكر ذلك لعمر بن الخطاب "فقال عمر: ماذا أمرتهم به؟ فقال أبو هريرة: أمرتهم بأكله" وهذا فيه التفات وإلا فالأصل أن يقول: فقلت: كلوه، "فقال: أمرتهم بأكله، فقال عمر بن الخطاب: "لو أمرتهم بغير ذلك لفعلت بك" يتواعده" في الرواية التالية: لأوجعتك، الرواية التي ... : "لو أفتيتهم بمنع أكله لأوجعتك" في الحديث الذي يليه يقول: "وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه سمع أبا هريرة يحدث عبد الله بن عمر أنه مر به قوم محرمون بالربذة فاستفتوه في لحم صيد وجدوا ناساً أحلة -جمع حلال، وهم من أهل الربذة- يأكلونه فأفتاهم بأكله، قال: ثم قدمت المدينة على عمر بن الخطاب فسألته عن ذلك" يعني شكي في فتواي، كما يدل على ذلك الرواية السابقة "فقال: بمَ أفتيتهم؟ فقلت: أفتيتهم بأكله" والعلة ما ذكرنا "قال: فقال عمر: لو أفتيتهم بغير ذلك لأوجعتك" يعني بالضرب أو بالتقريع، وفي هذا ما يدل على أن ولي الأمر عليه أن يهتم بهذا أشد الاهتمام، ولو أدى ذلك إلى الضرب، لأن هذا الأمر حفظ الأديان من أولى ما يعنى به ولي الأمر، وإلا لضاعت أديان الناس، لو ترك الناس يفتون بغير علم فيضلون ويضلون هذه مشكلة توقع الناس في ضلال مبين، فعلى ولي الأمر أن يتدخل في مثل هذه الأمور التي تؤدي إلى ضياع الدين بضياع الفتوى، هذا عمر يقول: "لو أفتيتهم بغير ذلك لأوجعتك" فهؤلاء الذين يتساهلون في الفتوى، أو يفتون بغير علم، أو تكثر عندهم الشواذ، مثل هؤلاء يمنعون، وهذه من وظائف ولي الأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015