ويحرم من حيث أحرم بعمرته التي أفسد إلا أن يكون أحرم من مكان أبعد من ميقاته فليس عليه أن يحرم إلا من ميقاته.
قال مالك: ومن دخل مكة لعمرة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وهو جنب أو على غير وضوء ثم وقع بأهله ثم ذكر قال: يغتسل أو يتوضأ ثم يعود فيطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ويعتمر عمرة أخرى ويهدي وعلى المرأة إذا أصابها زوجها وهي محرمة مثل ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: فأما العمرة من التنعيم فإنه من شاء أن يخرج من الحرم ثم يحرم فإن ذلك مجزئ عنه -إن شاء الله- ولكن الفضل أن يهل من الميقات الذي وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو ما هو أبعد من التنعيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: جامع ما جاء في العمرة" بابٌ جامعٌ أو جامعُ ما جاء؟ نعم، جامعُ ما جاء في العمرة، أو باب جامعِ، نعم، يعني على الإضافة وعلى القطع، يجوز في مثل هذا الإضافة والقطع.
والعمرة في اللغة: الزيارة، قيل: هي القصد، وهي قصد البيت لأداء هذا النسك، أو زيارة البيت للطواف والسعي، وهي مأخوذة من عمارة المسجد الحرام، مأخوذة من العمارة؛ لأن العمرة ليس لها وقت محدد، فالمسلمون يعمرون هذا البيت المعظم بتكرار ترددهم عليه؛ لأنها ليس لها وقت معين، بخلاف الحج الذي له وقت محدد، يعني لو لم يشرع إلا الحج في وقته المحدد لكان البيت لمدة تسعة أشهر وعشرين يوم مهجور، نعم، لكن العمرة التي ليس لها وقت محدد كفيلة بعمارة هذا البيت، والعمرة كما سيأتي في كلام الإمام مالك، يقول: العمرة سنة، وهي مؤكدة عنده وعند أبي حنيفة، ويرى الإمام الشافعي وأحمد وجوبها، ويأتي عند كلام الإمام مالك شيء من هذا.