وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج أمتمتع هو؟ فقال: نعم هو متمتع، وليس هو مثل أهل مكة، وإن أراد الإقامة، وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها، وإنما الهدي أو الصيام على من لم يكن من أهل مكة، وأن هذا الرجل يريد الإقامة ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، وليس هو من أهل مكة".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب -رحمه الله- يقول: "من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع. . . . . . . . .
أحسن الله إليك.
ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في التمتع" مر بنا مراراً أن التمتع هو الإتيان بالعمرة في أشهر الحج، ثم الحل منها، الحل الكامل، فالإحرام بالحج من عامه دون أن يرجع إلى أهله، فإذا اعتمر في أشهر الحج ثم حج تلك السنة ولم يرجع بينهما إلى أهله هذا هو التمتع، التمتع الخاص، الذي هو قسيم للإفراد والقران، أما بمعناه الأعم بحيث يكون قسيماً للإفراد فقط، فهو شامل للقران، فمن حج تمتعاً وفصل بينهما بالحل أو جمع بينهما في سفرة واحدة هو متمتع بالمعنى الأعم، يعني أنه ترفه بسفر واحد، وجمع بين النسكين، ولزمه الدم، إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وعلى هذا يحمل قول من روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع، وهذا ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع يعني بالمعنى الأعم، أو أنه أمر أصحابه بالتمتع، والآمر قد ينسب إليه الفعل، ولغة العرب تحتمل ذلك، لكن المراد به هنا الفصل بينهما، الإتيان بالعمرة ثم الحج في سفر واحد، في سنة واحدة مع التحلل بينهما.