المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يتنبه له، وابن أبي ليلى .. ، معروف أن من اتجه إلى شيء غفل عما سواه، ابن أبي ليلى فقيه كبير، تقول مثل هذا في أبي حنيفة الإمام الأعظم رمي بسوء الحفظ، ابن أبي ليلى كذلك، كثير ممن اتجه إلى فرع من فروع العلم الشرعي لا شك أنه على حساب غيره؛ لأن العقل لا يستوعب كل العلوم، كذا من غلب عليه حفظ الحديث ورواية الحديث قد يكون عنده ضعف في الاستنباط والدراية، قليل من أهل العلم من جمع الله له بين الفنون، لكن الغالب أن من اتجه إلى شيء وأعطاه كليته في الغالب أنه يكون على حساب غيره، حتى من القراء، من قراءته متواترة ومشهورة ومعمول بها، قد يكون في حفظه شيء، لكن هل ما يقع في حفظه مما يذكره المحدثون له أثر على قراءته؟ أبداً، لماذا؟ لأن القرآن مضبوط بين الدفتين، مرده للاختبار، اختبر، نعم فيمكن حفظه، القرآن يمكن حفظه حتى من سيء الحفظ؛ لأنه معروف أوله وآخره لا يمكن أن يخفى شيء منه على من أراده، بينما الحديث! الحديث دونه خرط القتاد، فالذي لا تسعفه الحافظة القوية مثل هذا لا شك أنه لن يدرك من الحديث شيء يذكر؛ لأنه بحر محيط، وهو كما قال أهل العلم: علم فحل لا يطيقه إلا الفحول، وأهل الرأي كما ذكر ابن القيم وغيره عن بعض السلف أنهم أعياهم حفظ النصوص، نعم وصعب عليهم أنهم إذا سئلوا ما أجابوا، فاستعملوا الفهم، الفهم قد يوجد عند شخص لا يحفظ، والحفظ قد يوجد عند شخص لا يفهم، أو فهمه ضعيف، وفي كل خير، لكن يبقى أن الفهم وحده لا ينفع إلا بما يعتمد عليه من حفظ، نعم، اللهم إلا إذا أراد أن يتورع إذا سئل عن شيء لا يحفظ فيه شيء يقول: الله أعلم، إذا كان بين يديه كتاب وكثير من المحدثين يعدل من التحديث من الحفظ إلى التحديث من الكتاب خشية أن يزل؛ لأنه بصدد الكلام في كلام من لا ينطق عن الهوى، نعم، فكثير من الناس يحرص على أن يحدث من كتابه.
والتحديث من الكتاب معروف عند أهل العلم، وضبط الكتاب أيضاً نوع من أنواع الضبط الذي به يصح الخبر.