يقول: "حدثني يحيى مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أنه قال: رأيت سعيد بن المسيب يرعُف" هذا على أساس أن رعف من باب نصر "يرعُف فيخرج منه الدم حتى تختضب أصابعه من الدم الذي يخرج من أنفه ثم يصلي ولا يتوضأ" وهناك رعف وهو يصلي فأتى حجرة أم سلمة فأتي بوضوء فتوضأ، هذاك محمول على الكثير، وهذا محمول على القليل، واليسير معفوٌ عنه "فيخرج منه الدم حتى تختضب أصابعه من الدم الذي يخرج من أنفه ثم يصلي ولا يتوضأ" وعرفنا أن هذا محمول على اليسير من الدم، والدم والقيح على القول بنجاستهما يعفى عن يسيرهما، والقيء يعفى عن اليسير بخلاف البول الذي لا يعفى عن يسيره "ثم يصلي ولا يتوضأ" لا وضوء شرعي ولا لغوي، ما دام حلمنا الوضوء في الخبر الأول على اللغوي، فهنا نقول: المنفي ليس المنفي هو الوضوء الشرعي واللغوي، وإذا أردنا أن نقول: إن هذا مطابق للخبر السابق فالإثبات للغوي، والنفي للشرعي، فتوضأ يعني وضوءاً لغوياً، ولم يتوضأ ولا يتوضأ هنا وضوءاًَ شرعياً فيتحد الخبران.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه رأى سالم بن عبد الله" أحد الفقهاء السبعة من التابعين، مثله سيعد أيضاً "أنه رأي سالم بن عبد الله يخرج من أنفه الدم حتى تختضب أصابعه ثم يفتله ثم يصلي ولا يتوضأ" يفتله: يحركه مراراً حتى ييبس وينزل من أصابعه من دون غسل، وعلى كل حال اليسير معفوٌ عنه، ثبت عن الصحابة أن الواحد منهم يعصر الحبة والبثرة وما أشبه ذلك ولا يتوضأ، ولا يغسله، هذا شيء يسير معفوٌ عنه، أما الكثير فعرفنا الخلاف فيه عند أحمد وأبي حنيفة وإسحاق وداود أن هذا ناقض؛ لأنه نجس فاحش، يخرج من البدن مقيس على البول والغائط ومالك والشافعي لا ينقض، وإن كان نجساً، وأنه لا ناقض إلا ما يخرج من السبيلين.
أحسن الله إليك
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن المسور بن مخرمة أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب من الليلة التي طعن فيها، فأيقظ عمر لصلاة الصبح، فقال عمر: نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى عمر وجرحه يثعب دماً.