"ممن ريح هذا الطيب؟ فقال معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-: مني يا أمير المؤمنين" وفي بعض الروايات: فتغيض عليه عمر -رضي الله عن الجميع-، "فقال: منك لعمر الله" يعني لأنك تحب الرفاهية، فما يستبعد أن يكون منك، ويغلب على ظن عمر أنه من معاوية ولو لم يجبه؛ لأنه يحب الرفاهية، لكنه لا يواجه أحداً، وهذه سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو كان بجنبك، الآن بجانبك وفي غيره، وتشم الريح بنسبة تسع وتسعين بالمائة أنه من هذا الرجل أو تجزم أنه منه، أو يرن جواله موسيقى وهو بجنبك وعندك ناس، تسأل يا إخوان من معه هذا الجوال؟ وأنت تعرف أنه من بجنبك، لا شك أن هذا أبلغ في الإنكار، وأدعى إلى القبول "فقال: منك لعمر الله، فقال معاوية -معتذراً-: إن أم حبيبة" رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين أخت معاوية "طيبتني يا أمير المؤمنين" يريد أن يخفف من تغيض عمر -رضي الله عنه-، ما دام هذا صنيع أم المؤمنين، وأم المؤمنين على صلة بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فلعل عندها من العلم ما لم يبلغك يا عمر، وإن هذا ليس من تصرفي "إن أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين، فقال عمر: "عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه" وفي رواية: "أقسمت عليك لترجعن إلى أم حبيبة فلتغسلنه عنك لما طيبتك" يعني لو كان الأمر لمعاوية أن يغسله بنفسه نعم استمر فعل أم المؤمنين من غير تغيير، لكن لما يعاد من يلاحظ عليه إلى الأصل وإلى المصدر فيكون التغيير لمعاوية ولأم المؤمنين معاً، ولذا لو حصل من موظف يعني على سبيل المثال جيء للمدير جاء الوكيل للمدير بخطاب يقرأه ليوقع عليه، لما قرأه المدير وجد فيه خطأ، نعم، وقال للوكيل: غيره، هل الأفضل أن يقول: غيره أو يقول: اذهب إلى الناسخ ليغيره؟ ولو كان نقطة واحدة، بالإمكان المدير نفسه يخرج القلم ويضع هذه النقطة، أو يقول للوكيل: ضعها أنت، فكونه يعيده إلى الطابع يكون التغيير مر على جميع المراحل التي مر عليها الخطأ، مثل هذا.