والحج: ركن من أركان الإسلام بإجماع أهل العلم، وجاء ذكره والتشديد في أمره والتهويل من شأنه، وتهويل أمره في النصوص، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله -جل وعلا-: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] بالآية استدل علي -رضي الله عنه- بحديثه لما ذكر أن من كان ذا جدة ومقدرة ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً، وقال تعالى وذكر الآية، والحديث مخرج عند الترمذي وغيره، وفيه ضعف؛ لأنه من رواية الحارث الأعور عن علي، وفي الباب عن أبي هريرة وأبي أمامة وجمع من الصحابة يرتفع بها الحديث عن كونه موضوعاً، كما ادعى ابن الجوزي إلى أن يكون له أصل كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-.
فالحج ركن الإسلام الخامس عند جمهور أهل العلم، والرابع عند الإمام البخاري قبل الصيام، وذكرنا وأشرنا إلى هذا في شرح كتاب الصيام؛ لأن حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً، وصوم رمضان)) هذا الذي في الصحيحين، وذكرنا أن في مسلم تقديم الصيام على الحج، رواية بتقديم الصيام على الحج، فلما قدم ابن عمر الصيام على الحج قال رجل: الحج وصوم رمضان، قال: لا، صوم رمضان والحج، وذكرنا ما قاله أهل العلم في هذه المسألة.