"قال مالك: لا بأس بنكاح المعتكف نكاح الملك" يعني مجرد عقد لا وطأ؛ لقوله -جل وعلا-: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] "ما لم يكن المسيس" الذي هو الوطء فيحرم "والمرأة المعتكفة ... ، بل يبطل الاعتكاف بالوطء "والمرأة المعتكفة أيضاً تنكح نكاح الخطبة" تخطب، تقدم الخاطب إلى وليها ويعقد له عليها وهي معتكفة؛ لكن لا يطأها مدة اعتكافها "ما لم يكن المسيس، ويحرم على المعتكف من أهله بالليل ما يحرم عليه منهن بالنهار" يعني ما هو مثل الصيام {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [(187) سورة البقرة] فيحرم عليه بالنهار ولا يحرم بالليل، في الاعتكاف يحرم عليه بالليل والنهار؛ لأن الوطء مبطل للاعتكاف.
"قال يحيى: قال زياد: قال مالك: ولا يحل لرجل أن يمس امرأته وهو معتكف" مس التذاذ لا لغيره، كترجيل الشعر ونحوه، مثل هذا لا يضر "لا يتلذذ منها بقبلة ولا غيرها، فإن فعل بطل الاعتكاف" وعند الشافعي لا يبطل إلا بالجماع "ولم أسمع أحداً يكره للمعتكف الذكر ولا للمعتكفة الأنثى أن ينكحا –يعقدا- في اعتكافهما ما لم يكن المسيس" الذي هو الجماع "فيكره" والمراد بالكراهة هنا التحريم؛ لأنه يبطل الاعتكاف "ولا يكره للصائم أن ينكح" يعقد لا في الليل ولا في النهار، وهو صائم، في صيامه، وإن لم يكن معتكفاً "وفرق بين نكاح .. " قد يقول قائل: المحرم لا يجوز له أن يعقد فضلاً عن أن يطأ، ولا يخطب ((لا ينكح المحرم ولا ينكح)) نعم وهو ممنوع من النكاح، والمعتكف ممنوع من النكاح، إذاً لماذا لا يمنع المعتكف من العقد كالمحرم؟ أراد الإمام -رحمة الله تعالى عليه- أن يبين أن هناك فروق كثيرة بين الاعتكاف وبين الإحرام بالحج أو العمرة.