"فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الرحمن بن عوف يؤمهم، وقد صلى بهم ركعة، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الركعة التي بقيت عليهم" يعني صلى معهم ركعة، وقضى ما فاته "ففزع الناس" فزع الناس كأنهم ما استوعبوا أن يتولى الإمامة غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، مع وجوده في حال حياته، ومع قدرته واستطاعته "ففزع الناس، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أحسنتم)) " أحسنتم باستغلال الوقت، وأداء الصلاة في أول وقتها، ولم يثرب عليهم، في هذا دليل على جواز مثل هذا الصنيع، إذا عرف من حال الإمام أنه يرضى بذلك، لكن إذا عرف من حاله أنه يغضب ولا يرضى أن ينوب عنه غيره، فهو أملك بالإقامة، لكن لو حصل هل يؤثر هذا على الصلاة؟ الصلاة صحيحة، وإن أثموا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المشقة، المشقة إذا شق على المأمومين، والمشقة تجلب التيسير.
ثم قال بعد ذلك: "وحدثني عن مالك عن نافع عبد الله بن دينار أنهما أخبراه" أي أخبرا مالك "أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص، وهو أميرها" من قبل عمر -رضي الله عنه- "فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه" فأنكر ذلك عليه ابن عمر صحابي طالت صحبته للنبي -عليه الصلاة والسلام-، مؤتسي، مقتدي، حريص على السنة، روى جملة كبيرة من الأحاديث، وأنكر على سعد حينما مسح على الخفين، فالصحابي قديم الصحبة قد يخفى عليه من الأمور الجلية الظاهرة ما يعلمه غيره، خفي على عمر -رضي الله عنه- خبر الاستئذان، وخفي على أبي بكر أخبار فضلاً عن غيرهما، فابن عمر أنكر المسح على سعد المسح على الخفين، مع قدم صحبته وكثرة روايته، والاحتمال الثاني أنه رأى أن المسح على الخفين منسوخ بالمائدة، كما فهمه بعضهم، بعض الصحابة فهم ذلك، ثم بعد ذلكم انقرض الخلاف، وثبت الإجماع على جواز المسح على الخفين.