الكتاب: مضى تعريفه مراراً.
والاعتكاف: اللزوم، لزوم الشيء وحبس النفس عليه، خيراً كان أو شراً، فمن لزم شيئاً وحبس نفسه عليه اعتكف، كما قال -جل وعلا-: {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] وقال -جل وعلا-: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ} [(138) سورة الأعراف] هذا اعتكاف، فلزوم الشيء وحبس النفس عليه اعتكاف، يعني طول المكث والبقاء في مكان لأمر من الأمور اعتكاف، ولذا الذين يمضون الساعات أمام القنوات والآلات هم يعتكفون عليها، يعكفون عليها، ويتداول الطلاب أيام الامتحانات هذه اللفظة، إذا أداموا النظر ولزموا الأماكن لمطالعة دروسهم يقال: فلان عاكف على دروسه؛ لأنه يطيل المكث والملازمة ملازمة المكان للإفادة من دروسه.
فرق بين {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] السنة النبوية، وبين {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ} [(138) سورة الأعراف] وبينهما أمور، يعني هذا من أفضل الأعمال، وهذا -نسأل الله السلامة والعافية- الشرك والكفر، فعلى الإنسان أن يلزم طاعة الله -جل وعلا-، ولا يصرف هذا المسمى -وإن كان لغوياً- لكن حقيقته الشرعية لزوم المسجد، والمسجد كما جاء في بعض الأخبار بيت كل تقي.
وخير مقام قمت فيه وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجدِ
والرباط: انتظار الصلاة بعد الصلاة، والملائكة تصلي على المصلي ما دام في مصلاه: "اللهم اغفر له، اللهم ارحمه" هكذا ينبغي أن تنفق الأوقات، أما أن تنفق على القيل والقال، أو على الآلات المحرمة، أو على ما يقرب منها من استعمال بعض الأمور من ورقة وغيرها، يمضون عليها الساعات الطوال، ويحدث معها من الألفاظ البذيئة، وتأثر القلوب، وقد يحصل معها الجعل المحرم كالقمار، المقصود أن الإنسان عليه أن يحفظ وقته.