غير الإمام مالك ماذا يقول؟ يقول: لا أبداً هذه الأمور كالديون، ديون الآدميين ((دين الله أحق بالقضاء)) ويقول: أن هذه الأمور لا تخلو إما أن تكون في حال الصحة وحينئذ تكون من رأس ماله، إن كانت في مرض موته المخوف فهي من الثلث؛ لأن الاتهام ظاهر، أما إذا كان في حال الصحة ما فيه اتهام، ما يتهم بأن يحرم الورثة، نعم، هم يتفقون مع مالك أنه في مرض موته المخوف بحيث يغلب على الظن أنه يريد حرمان الورثة يكون من الثلث؛ لكن إذا كان في حال الصحة وتوفي، هذا دين من الديون، والمعروف أن الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة: الأول: مؤن التجهيز، الثاني: الحقوق المتعلقة بعين التركة كالديون التي تكون برهن، هذه مقدمة، الثالث: الحقوق المطلقة كديون الآدميين، وديون الله تعالى كالكفارات والنذور، هذه من أصل التركة، الرابع: الوصايا، وهذه من الثلث، والخامس: الإرث.

فالمسألة تدور على قصد هذه الموصي أو الناذر فإن كان قصده الحرمان، ولا يتصور الحرمان في حال الصحة، إنما يتصور الحرمان في حال المرض، مرض الموت المخوف، في حال مرض الموت المخوف، وفي حال مرض الموت المخوف يتجه القول بأنها من الثلث، أما في حال الصحة فلو تبرع بجميع ماله ولديه قدرة على الاكتساب، وعنده أيضاً صبر واحتساب، فعل ذلك أبو بكر -رضي الله عنه-، فخرج من جميع ماله، وهذا لا إشكال فيه.

يقول: وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يسأل هل يصوم أحد عن أحد؟ أو يصلي أحد عن أحد؟ فيقول: "لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015