الجمهور يقولون: حديث شداد منسوخ؛ لأنه متقدم، وهذا لا شك أنه مخرج، عند ضيق المخارج، وآخر شيء القول بالنسخ، آخر ما يلجأ إليه، إذا لم يمكن الجمع بين النصوص، ولا الترجيح يلجأ إلى النسخ، فإن قلنا: بالترجيح فحديث ابن عباس أرجح، وإن قلنا: بالتقدم والتأخر فحديث شداد متقدم، وهذا مما يؤيد قول الجمهور وإن قلنا: بجواب الحنابلة ومن يقول: بفطر الحاجم والمحجوم، قلنا: أن ليس فيه أكثر مما ذكر ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم؛ ولكن ماذا عن النتيجة؟ ماذا عن النتيجة؟ ما ذكرت في حديث ابن عباس؛ لكن ظاهر اللفظ، ليس بنص في المسألة، ظاهر النص؛ لأن عندنا نص وظاهر، والاحتمال الأرجح والأظهر في الدلالة من النص، واحتمال مرجوح يسمونه المؤول، الذي يقابل الظاهر، فالنص الذي لا يحتمل غير الدلالة التي هي منطوق الخبر، والظاهر هو الاحتمال الراجح، والاحتمال الراجح من حديث ابن عباس أنه سيق لبيان أن الحجامة لا تفطر الصائم، هذا الذي يظهر من النص، يعني إذا قيل: زيد أسد، النص في هذا أنه حيوان مفترس، والظاهر أن زيد شجاع كالأسد، والاحتمال الأضعف أن زيد فيه وصف من أوصاف الأسد غير ظاهر؛ لكنه يحتاج إليه أحياناً، لو قلت: زيد أسد –مثلاً- وهو معروف ومشاع بين الناس أن زيد جبان تبحث عن وصف آخر يتفق فيه مع الأسد، وهو أيش –مثلاً- البخر، إذا كان زيد أبخر قيل: زيد أسد؛ لأنه يشارك الأسد في صفة غير ظاهرة، فالنص في هذا أن زيد حيوان مفترس؛ لكن ما هو مراد قطعاً، الظاهر منه أن زيد رجل شجاع كالأسد، المؤول وهو الاحتمال المرجوح أن زيد أبخر، تنبعث منه روائح كريهة من فمه كالأسد، وهذا يحتاج إليه إذا لم نجزم بالاحتمال الأظهر.
وهنا الاحتمال الظاهر أن ابن عباس ساق الخبر لبيان أن الحجامة لا تفطر الصائم، والاحتمال الثاني أنه ساق الخبر لبيان أن الحجامة تجوز للصائم إذا احتاج إليها كغيرها من المفطرات؛ لكنه لا يظهر، ليس بنص، ولا ظاهر، إنما هو احتمال مرجوح.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، هو لوجود بعض الروايات التي تشير إلى أنه يحتج به على الفطر قلنا: أنه ظاهر، والاحتمال الثاني قائم.