وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر رمضان فقال: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) هذه نصوص بأنه إذا لم يتمكن من رؤية الهلال لما يحول دون رؤيته أن شعبان يكمل ثلاثين، افترض أن الناس كملوا شعبان ثلاثين ثم ليلة تسعة وعشرين من رمضان رؤي الهلال، تبين أن يوم الشك -يوم الغيم- من رمضان؛ لكن يأثمون الناس لماذا لم يصوموا ونقص شهرهم؟ لا ما يأثموا، وسائلهم شرعية، وداروا حيثما وجهوا، ولا إشكال.
هذا الحديث منقطع؛ لأن فيه واسطة بين ثور بن زيد الديلي وعبد الله بن عباس يريه أبو داود والترمذي والنسائي من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس، فالراوي عن ابن عباس عكرمة، يرويه أيضاً روح ابن عبادة عن مالك، يعني بهذا الإسناد عن مالك عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس، فالواسطة بين ثور بن زيد الديلي وعبد الله بن عباس هو عكرمة.
زعم بعضهم أن مالكاً أسقط عكرمة عمداً، لما فيه من الكلام، سعيد بن المسيب وغيره تكلموا في عكرمة، وقال بعضهم: أنه يرى رأي الخوارج، وإن لم يثبت عنه؛ لكن الكلام في عكرمة معروف عند أهل العلم، والإمام مالك -رحمه الله- من أشد الناس احتياطاً في هذا الباب، فزعم بعضهم أن مالكاً أسقط عكرمة عمداً للكلام المذكور فيه، ولا يصح ذلك لماذا؟ لأن مالك خرج لعكرمة باسمه بالتنصيص، يعني لو شفنا في كتاب المناسك هنا يقول: باب من أصاب أهله قبل أن يفيض: وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة مولى ابن عباس قال: لا أظنه إلا عن عبد الله بن عباس، يعني صرح باسمه، والبخاري احتج بعكرمة، الإمام البخاري احتج بعكرمة، فحذفه على طريقة الإمام مالك في مسألة القطع والبلاغات والمراسيل، هذه الإمام مالك -رحمه الله- لا يرى فيها إشكال، وكثير مر بنا من مثل هذا، تجده مرسل عن مالك وموصول في الصحيحين، فعلى كل حال مالك روى عن عكرمة وخرج له وصرح باسمه، فلا وجه لمن قال أن الإمام مالك أسقطه عمداً.
وفي البخاري احتجاجاً عكرمة ... مع ابن مرزوق وغير ترجمة
فمثل هؤلاء يخرج لهم في الصحيح، وخرج لهم الإمام مالك.